إن أحد الأمثلة الساطعة على التحول إلى الطاقة الخضراء منخفضة الكربون في الصين هو قطاع الطاقة الجديدة المزدهر في الصين. لفترة طويلة، فضل المستهلكون الصينيون سيارات البنزين "الكبيرة" كخيارهم الأول لشراء المركبات.
في ذلك الوقت، كانت السيارات الكهربائية نادرة في حركة المرور في المدن نتيجة “قلق المدى”. ومع ذلك، مع تقدم الصين في مبادراتها البيئية، ازدهرت العديد من الصناعات الخضراء، حيث كانت المركبات ذات الطاقة الجديدة في المقدمة.
لقد أصبحت قيادة المركبات التي تعمل بالطاقة الجديدة اتجاهاً استهلاكياً بين جيل الشباب في الصين. بالنسبة لهم، فإن المركبات التي تعمل بالطاقة الجديدة، ذات المقاعد الخالية من الجاذبية والتفاعل الصوتي الذكي عالي التقنية، ليست مجرد وسيلة نقل ولكنها أيضاً ملجأ للاسترخاء والاستمتاع برحلة خالية من الانبعاثات.
وفقاً لجمعية تجار السيارات الصينية، تجاوز معدل انتشار التجزئة لمركبات الركاب التي تعمل بالطاقة الجديدة في الصين 50 بالمئة في النصف الأول من نيسان من هذا العام، متجاوزاً معدل انتشار المركبات التي تعمل بالوقود لأول مرة.
إن شعبية السيارات الكهربائية الجديدة ليست سوى جانب واحد من الطفرة الخضراء التي تشهدها الصين. فالبلاد تعمل بكفاءة على تحويل الموارد الطبيعية إلى طاقة خضراء.
ففي صحراء جوبي تمتد مساحات لا نهاية لها من الألواح الكهروضوئية إلى الأفق؛ وعلى الجبال وفي البحر تدور توربينات الرياح بهدوء؛ وفي المناطق الحضرية والريفية تزين الألواح الشمسية أسطح المنازل والشرفات، وتصطف مصابيح الشوارع التي تعمل بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح على جانبي الطرق.
لقد أصبحت التكنولوجيات الخضراء، التي تقودها مصادر الطاقة الجديدة، هي القاعدة في المجتمع الصيني، ما دفع إلى إنشاء أساليب إنتاج نظيفة وفعالة وخضراء، وتسهيل ترقية البنية الأساسية الرقمية المكثفة ومنخفضة الكربون. وتعمل الصين على بناء قدرة تنمية خضراء جديدة هائلة في مجالات مثل الطاقة الخضراء والنقل والبناء.
إن الطاقة الجديدة ليست سوى بداية للتحول الأخضر الشامل في الصين. فقد عززت الصين حضارتها الإيكولوجية النامية على كافة الأصعدة، فنفذت الإدارة الشاملة للجبال والأنهار والغابات والأراضي الزراعية والبحيرات والمراعي. وقد أسفرت هذه الجهود، غير المسبوقة من حيث الحجم والكثافة والفعالية، عن تغييرات تحويلية في الحضارة الإيكولوجية من الفهم إلى الممارسة.
كانت منطقة بابوشا الواقعة على الحافة الجنوبية لصحراء تينغر أكبر منطقة عاصفة رملية في مقاطعة جولانغ بمقاطعة قانسو. وقد نجح عمال مكافحة الرمال في الصين في تشجير أكثر من 133 مليون متر مربع، ونجحوا في مكافحة التصحر.
على مدى ما يقرب من 20 عاماً، وصلت مساحة الغابات الاصطناعية في الصين إلى حوالي 876000 كيلومتر مربع، لتحتل المرتبة الأولى في العالم، حيث تساهم الصين بنحو ربع الزيادة العالمية في المساحات الخضراء.
في عام 2023، بلغ متوسط تركيز PM2.5 في مدن المحافظات وما فوقها في الصين 30 ميكروجراماً لكل متر مكعب، ما يجعلها الدولة التي تتمتع بأسرع تحسن في جودة الهواء في العالم.
في نفس العام، بلغت نسبة المياه السطحية في الصين أو تجاوزت جودة الدرجة الثالثة في نظام جودة المياه المكون من خمس طبقات في البلاد، وهو ما يقترب من معايير الدول المتقدمة.
وقد ساهمت جهود الصين في معالجة قضاياها البيئية بشكل كبير في حل المشاكل البيئية العالمية. على سبيل المثال، في إطار الجهود العالمية للسيطرة على المواد المستنفدة للأوزون، إذ نجحت الصين في القضاء على أكثر من 50% من هذه المواد بين البلدان النامية، لتصبح بذلك أكبر مساهم في حماية طبقة الأوزون على مستوى العالم.
وباعتبارها أكبر مُصنِّع ومصدر لمنتجات الطاقة النظيفة في العالم، تقدم الصين منتجات خضراء لدول ذات مستويات اقتصادية وموارد وخلفيات ثقافية متفاوتة، ما يساعد الجهود العالمية في معالجة تغير المناخ وتعزيز التنمية الخضراء منخفضة الكربون. ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية، تضم الصين أكثر من 80 في المئة من قدرة تصنيع وحدات الطاقة الشمسية الكهروضوئية العالمية.
ووفقاً لجمعية مصنعي السيارات الصينية، زادت صادرات الصين من المركبات الكهربائية الخالصة بنسبة 80.9 في المئة، في حين زادت صادرات السيارات الهجينة بنسبة 47.8 في المئة على أساس سنوي في عام 2023.
وفي منتدى تنمية الصين 2024، صرح أولا كالينيوس، رئيس مجلس إدارة مجموعة مرسيدس بنز، “إن الصين ليست فقط أكبر سوق للسيارات التي تعمل بالطاقة الجديدة (NEVs)، ولكنها أيضاً مركز ابتكار يضم شركات رائدة في الصناعة وسلسلة توريد ناضجة للسيارات التي تعمل بالطاقة الجديدة”، مضيفاً أنه يعتقد أن السوق الصينية ستستمر في النمو ولعب دور رائد في الابتكار في الصناعة.
وتشمل الأسواق الرئيسية لتصدير المنتجات الخضراء في الصين الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، فضلاً عن الاقتصادات الناشئة مثل جنوب شرق آسيا والهند.
وقد حظيت جهود الصين في تطوير الحضارة الإيكولوجية باعتراف دولي. وتنعكس المبادئ الأساسية التي تؤكد عليها الحضارة الإيكولوجية في أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030.
وقد بذلت الصين جهوداً نشطة نحو إبرام اتفاقية باريس وتوقيعها ودخولها حيز التنفيذ، كما قدمت مثالاً يحتذى به من خلال الالتزام بخفض انبعاثات الكربون إلى الذروة بحلول عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060.
تواصل الصين استكشاف الطريق إلى الأمام في تنميتها الخضراء. وتتوافق إستراتيجية التنمية في البلاد مع الدعوة العالمية إلى التنمية المستدامة والتحول المنخفض الكربون.
ويشير ظهور أفكار ووجهات نظر ومفاهيم جديدة، ممثلة في قوى إنتاجية جديدة، إلى أنه من خلال بناء الحضارة البيئية، تحقق الصين نمواً متناغماً بيئياً وتتحرك نحو مجتمع مزدهر بيئياً حيث يتعايش البشر والطبيعة في وئام. وهذا الرخاء البيئي ليس للصين فقط، بل هو الرخاء المشترك للجنس البشري بأكمله.
المصدر – سي جي تي إن