وعلى سبيل المثال، يمكن أن نشعر بالخجل عندما نتعرض لموقف محرج مثل التلعثم أثناء تقديم عرض أو كلمة أمام مجموعة كبيرة من الناس، أو عندما يوجه لنا شخص ما إطراء غير متوقع أمام الآخرين، وقد نشعر بالخجل أيضًا عندما نتذكر حادثة محرجة حدثت لنا في الماضي، أو عندما نقوم بخطأ غير مقصود في مكان عام، مثل التعثر أثناء السير أو التحدث بصوت مرتفع دون قصد في مكتبة هادئة.
هذه المواقف تحفز الشعور بالخجل والاحمرار، وتجعلنا ندرك أننا تحت أنظار الآخرين، ما يؤدي إلى استجابة فيزيولوجية تتجلى في احمرار الوجه وتسارع دقات القلب، والاحمرار الحقيقي الذي يحدث بشكل فوري وتلقائي، يُعتقد عمومًا من قبل علماء النفس أنه مرتبط بالعواطف المتعلقة بالوعي الذاتي وكيف نعتقد أننا نبدو للآخرين.
ولكن لماذا يحمر الناس خجلاً؟
الاحمرار في الواقع لغز علمي إلى حد ما، وهو إحدى غرائب الجسم البشري وعلى الرغم من دراسة هذه الظاهرة الجسدية بشكل مكثف، إلا أنه ليس من الواضح تمامًا لماذا تحدث.
وحول هذا الأمر يقول "غاري سمول"، رئيس قسم الطب النفسي في مركز "هاكنساك" الطبي الجامعي في "نيوجيرسي" والخبير في علوم الدماغ: إنه رد فعل معقد للغاية. الاحمرار لا يعني نفس الشيء لكل شخص، لا يحمرّ الجميع بنفس المعدل أو لديهم نفس الميل لاحمرار الوجه.
ويتابع الخبير سمول: إذا كنت تشعر بالإحراج أو الخجل، فهذا هو الوقت الذي يميل فيه الناس إلى الاحمرار، موضحاً أنها استجابة لا إرادية لعدم الأمان أو الإحراج أو مجرد موقف اجتماعي محرج.
ماذا يحدث في الجسم عند الاحمرار خجلاً؟
يشرح سمول قائلاً: إن هناك محفزًا عاطفياً يسبب استجابة فسيولوجية حيث تفرز الغدد الأدرينالين في الجسم، ما يؤدي إلى توسع الأوعية الدموية، بحيث يصبح الدم أقرب إلى السطح، فيظهر اللون الأحمر.
أما عن سبب اختبارنا الإحراج بنفس الطريقة التي نختبر بها الخوف أو التوتر، فهو لأن الإحراج أو الخجل هما مثالان على ما يسميه العلماء “الألم الاجتماعي”.
أي إن الإنسان تطور ليشعر بالألم الاجتماعي بعمق يشبه الألم الجسدي، فأن تكون خارج المجموعة هو أمر خطير للبشر تمامًا مثل التهديدات الجسدية، مثل مطاردة نمر لك.
وبحسب موقع “ويب طب”، بإمكاننا القول: إن الخجل طريقة الجسد غير المحكية في الاعتذار عن موقف حاصل، وقد يكون ناتجاً عن بعض الاضطرابات النفسية أو الاجتماعية، مثل: القلق الاجتماعي أو حتى الرهاب الاجتماعي.
هل تطور الاحمرار إذًا؟
نعم، هناك العديد من النظريات حول متى وكيف تطور الاحمرار، وجميعها تتعلق بأسباب اجتماعية وأن يشعر الفرد بالانتماء.
فيقول الدكتور سمول: الاحمرار يستدعي التعاطف من المراقب إنه يبني الروابط. هذا هو المفتاح لبقاء البشر، لافتاً إلى أن الاحمرار قد يعبر عن اعتذار صادق أبلغ من التصرفات الأخرى، فقد اختبرت إحدى الدراسات في عام 2020 هذه الفكرة من خلال عرض قصة اجتماعية على مجموعة من المشاركين.
وهذا يشير إلى أن الاحمرار وحقيقة أنه تلقائي قد تطور لحمايتنا وتوجيه رسالة بشرية غير مباشرة، وعلى حد قول سمول “عندما يحمر وجه شخص ما، يكون ذلك اعترافًا بإنسانيته.