حيث أن لتنظيم المؤتمر الدولي للتأريخ الشفوي الذي سينطلق في العاصمة العمانية مسقط غداً، ويُقام بالتعاون بين هيئة الوثائق والمحفوظات في السلطنة ومؤسسة وثيقة وطن في الجمهورية العربية السورية، ويضم نخبة من الخبراء والباحثين من مختلف دول انحاء العالم في مجال التوثيق الشفوي، دوره في ترجمة كافة الجهود المبذولة في هذا الإطار.
يقدم المؤتمر أيضاً العديد من الأوراق العلمية المتخصصة، إضافة إلى تجارب هذه الدول في مجال توثيق الرواية الشفوية، كما يُمثل الباحثون والأكاديميون المشاركون في أعمال المؤتمر مؤسسات وهيئات ومراكز وثائقية من الصين وروسيا الاتحادية وإيران ومصر وليبيا والعراق وتونس وفلسطين، إلى جانب سورية وسلطنة عمان.
ينطلق المؤتمر تحت شعار: "التاريخ الشفوي: ذاكرة ثقافية عن الأصول وتعميق للرؤية العبر-زمنية"، إلى دراسة إشكالية وتحديات التأريخ الشفوي ضمن خصوصية المجتمعات العربية، وتعميق الوعي بأهمية الوثيقة الشفوية في الكتابة التاريخية العربية المعاصرة، والاطلاع على تجارب التأريخ الشفوي في العالم العربي وبحث سُبل التعاون وتفعيل العمل المشترك في المشاريع والدراسات المتخصصة، وبحث إمكانيات استثمار منهجية التأريخ الشفوي ضمن المناهج الدراسية، إضافة إلى بحث سبل تطوير التجربة العربية في التأريخ الشفوي.
كما سيتم العمل من قبل المتخصصين المشاركين ضمن محور نظري يحدد معايير للتعامل مع الوثيقة الشفوية باستخدام أدوات العمل في الوقت الحاضر، وضمن محور عملي يعرض نماذج لهذه التجربة تشرح أدواتها ومنهجيتها ونماذج عن تجربة التشاركية العربية والعالمية في هذا المجال، على مدار ثلاثة أيام.
أما عن المحور المستقبلي، سيتضمن ورشات عمل عن استثمار التوثيق ضمن المناهج الدراسية وأشكال صنع قواعد البيانات والوصول لتأسيس مجلة عربية مشتركة للتأريخ الشفوي ضمن هذه الأهداف والمحاور، حيث سيقدم الأكاديميون والكتاب السوريون والعرب والغربيون المشاركون تجاربهم وخبراتهم سواء بالحضور الشخصي في سلطنة عمان أو عبر تقنيات التواصل الإلكتروني.
نموذج عملي في التأريخ الشفوي
شكلت مؤسسة "وثيقة وطن" النموذج الأول في توثيق التاريخ الشفوي السوري طوال فترة الحرب التي شنت على سورية والسوريين، بتوثيقها شهادات للمعاناة غير المسبوقة عبر تاريخ البشرية، بهدف الحفاظ على الذاكرة البشرية ومن مبدأ أن الشعوب تكتب تاريخها بأنفسها وليس الآخرون، ممن امتهنوا تزوير الحقائق وطمسها لتبرئة أنفسهم من الإجرام.
كما شاركت في تنظيم مواضيع وفقرات المؤتمر، بما فيه المؤتمر الذي سينعقد خلال أيام، ضمن وفد أكاديمي ومؤسساتي متخصص برئاسة رئيس ومؤسس وثيقة وطن الأستاذة الدكتورة بثينة شعبان، التي وصفت سلطنة عُمان بالسباقة على مستوى الوطن العربي في مشروع التأريخ الشفوي الذي بدأت به منذ عام 2007، وبمشاركة أعضاء يمثلون مؤسسات كل من وثيقة وطن- الأمانة السورية للتنمية- وزارة الثقافة- جامعة دمشق – وزارة الإعلام.
وفي وصفها لتحضيرات الوفد السوري للمشاركة في المؤتمر قالت: "نحن في مؤسسة وثيقة وطن، اجتمعنا واتفقنا على أن هذا المؤتمر يجب أن يشمل كل الجهات السورية التي تعمل في هذا المجال وتنادينا معاً مع جامعة دمشق والأمانة السورية للتنمية ووزارة الثقافة والجهات المهتمة بالتاريخ المادي واللامادي والتأريخ الشفوي وأمضينا أشهراً نعمل مع كل هذه الجهات لكي ننضج مشاركة سورية فعالة تغطي فيها كل حلقات المؤتمر".
آملةً أن يشكل هذا المؤتمر انطلاقة حقيقية وعملية للاهتمام الحقيقي بالتأريخ الشفوي والتوصل إلى إدراج التأريخ الشفوي في المناهج التربوية والتعليمية في المدارس والجامعات، لكونه حالة وضرورة وطنية ونوع من أنواع المقاومة للفكر الذي يبثه الآخرون عنا، والذي يروجون له، وهذا يمكن أن يكون بداية من أجل أن نكتب نحن تاريخنا بأيدينا ويصبح معتمداً، لأنه من حقنا نحن أن نكتب تاريخنا وأن يُقرأ تاريخنا بمصداقية فهو هويتنا ووجودنا.
مع الإشارة إلى وجود دول كثيرة سبقتنا في هذا المجال، بإدخال التأريخ الشفوي كجزءٍ من مناهجها، في وقت نحن الأحوج فيه للتأريخ.
مشاركة سورية واسعة
محاضرات وأبحاث سيقدمها الباحثون السوريون المشاركون والممثلون لمؤسسات حكومية وخاصة، ضمن عدة محاور بدءاً بمحاولات تدوين التأريخ الشفهي في سورية وعلى المستوى العربي إلى جانب تخصيص شرح عن تجربة مؤسسة "وثيقة وطن" منذ تأسيسها والمشاريع التي تم تنفيذها في مجال التأريخ الشفوي وحفظ التراث الشعبي وتأثيره في السلوك الاجتماعي وستخصص جلسات عن دور المؤسسات السورية في مجال التوثيق وحفظ التراث السوري بجميع أشكاله.
يُضاف لذلك ما سيتناوله أكاديميون سوريون ضمن دراساتهم التي تشرح آليات استخدام التأريخ الشفوي في العملية التعليمية، علماً أن المؤسسات السورية هي السباقة في هذا المضمار، بالإضافة إلى تجربة المجتمع السوري في مجال حفظ التراث والتوثيق التي ستكون عاملاً ملهماً ومهماً في تنفيذ الهدف الرئيسي لمؤتمر التأريخ الشفوي المتمثل بتطوير التأريخ الشفوي على المستوى العربي وإيصاله ليكون حالة ثقافية مجتمعية ووطنية.
المصدر: الوطن