هو ما دأبت عليه مديرية الثقافة في طرطوس فأصبح تقليداً سنوياً، وانطلق فعالياته لمدة ثلاثة أيام بثقافي طرطوس وسط حضور ثلة من الأدباء والمهتمين في المهرجان المعني بالشأن الثقافي، وإلى جانب ورشات وقراءات أدبية ونقدية وندوة عن القصة وتداخل الأجناس الأدبية، كما تمّ تخصيص يومٍ لكتاب القصة من الشباب.
نقد قصصي
وضمن ندوة تناولت تجربة الأديب الدكتور عدنان رمضان، تقدم خلالها كل من الأديبان مالك صقور وعلم الدين عبد اللطيف، وبالرغم من ضيق وقته خصص رمضان حيزاً للقراءة والكتابة التي كانت هوايته منذ يفاعته وحتى دخوله كلية الطب.
ومنذ ذلك الزمن ولج الكاتب والأديب في أعماق الطبيب إلى حين بزوغ مجموعته القصصية الأولى في تسعينيات القرن الماضي، مشيراً إلى أنّ قصصه وكتاباته تتميز بالبساطة والشعبية والحقيقة الحية الكاملة للحياة، والأصالة، وفيها حيوية فكاهية تحمل المرارة، وتحمل حزناً عميقاً، وفي كلِّ قصة أو موضوع يقدمه بصدق وبساطة، من دون تزويق، أو تعقيد، إذ لم يقع في الزخرفة والغموض والإنشاء المجاني. ويرى صقور أنّ قصصه هادفة منتمية إلى بيئة المجتمع الذي نشأ فيه، ورضع منه الأصالة، ولا أخطئ – يضيف صقور- إن قلت: إنّ قصص عدنان رمضان عامرة من حيث المعنى والمبنى.
واقعية السرد
"لم تكن حالة طارئة أو عابرة"، هو ما أكده الأديب علم الدين عبد اللطيف عند تناوله طريقة عرض القصة القصيرة بطرطوس، فكتّابها كانوا من أوائل القصاصين في سورية، لافتاً إلى أنّ الدكتور عدنان رمضان، كتب القصة القصيرة في أول إصداراته، (حدث عند النبع) 1995 وأتبعها بمجموعة (الهجرة إلى الماء المالح) 2002، ثم كتب روايته الوحيدة (أيام الحيرة) 2004، وتابع بإصدار مسرحية بعنوان (البسطار) 2005.
نعم.. هو من قدم نفسه في مجموعته القصصية قاصاً مجتهداً، ولم يلجأ إلى الغموض والضبابية، أو لمجازات اللغة لتعميق مادته القصصية، وبقي يقدم سارداً بمنتهى الواقعية والوضوح، فجاءت قصصه واقعية وشفافة، حتى ليخال للقارئ في كثير منها أنها مذكرات ووثائق لحياته، كطبيب في عيادته، أو كإنسان ومثقف يقرأ الحدث بعين الأديب، وإن بدت أقرب إلى التقريرية الحياتية فهي تولد وتنتج من الحدث العابر مادة أدبية، وهذه هي مهمة الأديب برأيه.
عالمٌ إبداعي ومعرفي
وفي روايته الوحيدة "أيام الحيرة"، بدا الكاتب برأي عبد اللطيف، وكأنه يريد أن يقول مالا تقوله القصة، أو ما لا تستطيع قوله ربما، حيث أن للرواية أدواتها المختلفة عن القصة، من حيث اتساع الفضاء وتعميق الشخصيات، ورحابة الأفق الإبداعي في الرواية عموماً، والامتدادات الزمنية التي تتيح للروائي تقديم رؤية كافية للعالم، فجاءت (أيام الحيرة) لتكمل عالماً إبداعياً ومعرفياً بدأه الكاتب بالقصة القصيرة..
فيما يرى أن الأديب عدنان رمضان، ومن خلال قصصه القصيرة، وضمن روايته، كان صاحب مشروع إبداعي ومعرفي، لم يكتب قصة واحدة من دون هدف، وبدت القصص كلها ترتبط ببعضها بخيط واحد معرفي يشبكها، الإنساني فيها يتقدم على ما سواه في الاعتبارات، وإذاً.. عدنان قدم نفسه في أعماله هذه إنساناً قبل كل شيء، وصاحب رؤية متقدمة في الحياة.
المصدر: صحيفة تشرين