إنه لويس أرمسترونغ المغني والعازف الذي كان مسؤولا إلى حد كبير عن إعادة اكتشاف وتشكيل موسيقى الجاز العالمية في ثلاثينيات القرن الماضي.
ولد أرمسترونغ في 4 أغسطس/آب 1901 لعائلة فقيرة في نيو أورليانز بحي يطلق عليه ساحة المعركة، بكل ما يحمله اسم الحي من إشارات اجتماعية وإنسانية.
قضى أرمسترونغ جزءا كبيرا من طفولته في الشارع دون الحصول على تعليم أو تدريب، وفي الحادية عشرة تم اعتقاله بسبب إطلاق ناري في الشارع احتفالا برأس السنة.
يمكن القول إن الاعتقال كان الحدث الفارق في حياته؛ فخلال مدة العقوبة التي امتدت 18 شهرا تعلم أرمسترونغ العزف على الترومبليت والكورنيت، وانضم بعد ذلك لفرقة "وايفز هوم" (Waifs Home) الموسيقية.
مذكراته الشخصية
كتب أرمسترونغ لاحقا في مذكراته "أعتقد أن نجاحي بالكامل يعود إلى ذلك الوقت الذي تم فيه إلقاء القبض علي صبيا ضالا، لأنني اضطررت إلى ترك الركض في الشوارع، وبدأت تعلم شيء ما، بدأت تعلم الموسيقى".
عُرف عن أرمسترونغ موقفه المناهض للعنصرية والتمييز ضد السود، وانفجر ذلك الموقف بشدة عندما تم مُنعت مجموعة من الطلاب السود من الالتحاق بمدرسة ثانوية بأركنساس، وقال عن ذلك "يمكن للحكومة أن تذهب إلى الجحيم"، وأضاف أن الرئيس إيزنهاور ليست لديه الشجاعة للتدخل.
أعلن في ذلك الوقت أنه لن يعزف في جولة موسيقية برعاية الحكومة الأميركية في الاتحاد السوفياتي، وهي واحدة من مجموعة جولات ودية لتحسين صورة أميركا في الخارج.
وبقدر ما كان أرمسترونغ عازفا أسطوريا، لم لكن ليسمح للنقد أبدا بفرض أحكامه عليه، وكان يعلن دائما تحدي الآراء النقدية، قائلا إنه يعيش ما يعزفه، ولن يسمح لأي منتقد له في العالم أن يخبره كيف يعزف أو يغني.
وربما لذلك كتب أرمسترونغ مئات الصفحات من المذكرات الشخصية، وترك آلاف التسجيلات المنزلية لموسيقاه المفضلة، أو أثناء نقاشاته العادية أو أثناء العزف.
قال عنه ريكي ريكاردي مدير مجموعة الأبحاث بمتحف لويس أرمسترونغ، الباحث المتخصص في حياته، "لقد كتب المخطوطات وصنع الأشرطة وقام بتصنيف كل شيء، لأنه كان يدرك تماما أهميته، ويريد أن يتحكم في قصته.
أجمل أغنيات أرمسترونغ
- "لا أحد يعرف المتاعب التي رأيتها": تعتبر هذه الأغنية من الأغنيات الروحانية التي كان ينشدها العبيد أثناء فترة العبودية، ولم يتم تداولها على نطاق واسع حتى عام 1867، وهي أغنية قديمة جدا ولها العديد من الإصدارات والتسجيلات.
تتحدث كلماتها عن الحزن والألم، مع بعض الترتيلات التي تشبه الابتهالات ومناجاة الله تعالى مع وعد بالوصول إلى الجنة في نهاية الأمر.
- "لن تسير وحدك أبدا": الأغنية كتبت في الأصل عام 1945 من أجل مسرحية دوامة الخيل، بعد ذلك غناها العديد من المطربين مثل فرانك سيناترا، ولويس أرمسترونغ، ونينا سيمون.
أصبحت الأغنية بعد ذلك تغنى في أندية كرة القدم من قبل الجماهير التي تشجع فرقها، لأن كلماتها مفعمة بالأمل الموعود بعد الأوقات الصعبة، وكيف يكون رفيق الإنسان في تلك الأوقات ويساعد على مرورها.
- "عندما تبتسم يبتسم العالم كله معك": هي أغنية شعبية أميركية صدرت أول مرة عام 1928 لمغني الجاز الأميركي سيجر إليس، وغناها بعد ذلك كل من دين مارتن ولويس أرمسترونغ وفرانك سيناترا.
ما زالت الأغنية رائجة بقوة حتى الآن في الإعلانات نظرا لجمال اللحن والكلمات والمعنى الإنساني الداعي إلى التفاؤل الذي يتجاوز الزمن.
- "يا له من عالم رائع": في بداية إصدار الأغنية لم تلق نجاحا كبيرا داخل الولايات المتحدة، لكنها حققت نجاحا كبيرا في المملكة المتحدة ووصلت إلى المرتبة الأولى.
وبالرغم من عدم نجاحها في بداية الأمر إلا أنها أصبحت بعد ذلك علامة موسيقية كلاسيكية لموسيقى أرمسترونغ، وما زالت من أكثر أغنياته انتشارا حتى الآن، بسبب جمال كلماتها التي تتأمل في تفاصيل الجمال الموجودة في الحياة اليومية العادية.