من المؤكد أنه لم يمر اسم المخترع نيكولا تسلا على بالك!
هذا الاسم محظوظ بالتجاهل هو واختراعاته منذ القرن التاسع عشر، وليس ذلك فقط بل رافق التجاهل شيوع سمعة سيئة عنه في تلك الفترة؛ بالرغم من إضاعته للوقت الكبير في خدمة العلم، إلا أنه قد ذاع الاعتقاد بأن اختراعات نيكولا تيسلا كان من الممكن لها أن تحدث تغييراً لو لاقت احتضاناً في ذلك العصر.
كان نيكولا تيسلا المهندس والفيزيائي الأمريكي رائدا في مجال الإذاعة والتلفزيون والمحركات والروبوتات والكهرباء بما في ذلك تكنولوجيا التيار المتناوب التي تستخدم على نطاق واسع اليوم، كما اقترح أفكارا أكثر غرابة، إن رؤى مستقبله الستة التالية لم تتحقق بعد، إما بسبب القيود المفروضة على التكنولوجيا أو حفاظاً على الأسواق.
1- الطاقة اللاسلكية: في عامّي 1901-1902م انتصب برج وردن كليف في نيويورك الأمريكية على يد نيكولا تسيلا إلى جانبِ محطة لا سلكية ضخمة لنقل الكهرباء، وقد أشرف على تمويل هذه الفكرة جيه بي مورغان وتبنيها، فكانت الفكرة منها تراسل الصور والمكالمات الهاتفية والرسائل النصية بواسطتها إلى إنجلترا، على عكس ما كان يطمح له مورغان بتوفير الإتصالات اللاسلكية في مختلف أنحاء العالم.
2- تطوير المناطيد: انفرد تيسلا بين علماء عصره بمحاولته في تحقيق حلم التحليق في السماءِ عالياً بتقديمه مخططات تتجه الأنظار بها نحو استخدام المناطيد الكهربائية للسباحة في الغلاف الجوي عوضاً عن ذلك في غياهب المحيط الأطلسي، إلا أن الفقر هادم الأحلام قد حال دون تحقيق ذلك، وتشير بعض المعلومات إلى أن أبحاث و اختراعات نيكولا تسيلا قد سُرقت من قبل عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي إلا أن الأمر لا مازال مجهولاً فيما إذا كان ذلك إشاعة أم حقيقة.
3- شعاع الموت في عام 1930 شهد العالم واحداً من أشهر اختراعات نيكولا تيسلا؛ فقد زعم الأخير بأنه جاء بآلة لديها القدرة على إطلاق أشعة مركزّة تلحق الضرر والدمار بأي شيء يقع نصبها إلى بعدٍ يصل إلى 200 ميل، كما أشار إلى أن لهذه الآلة الإمكانية في إقامة جدار القوة للتصدي لأي جسم مهاجم لها، إلا أن هذا الجهاز لم يذكر له أي وجود فعلي منذ ذلك الوقت، وبالرغم من المحاولات المتكررة من قبل المنافسين لتسيلا في سرقة هذا التصميم إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل الذريع.
4- جهاز أشعة إكس: تعب نيكولا تسيلا في ابتكار فكرة جهاز إكس طيلة حياته لتنسب بكل سهولة هذه الجهود المبذولة للعالم الألماني وليام روتنجن، ففي الوقت الحالي تستخدم في المجال الطبي التصوير باستخدام أشعة إكس المغناطيسية للكشف عن أمراض العظام وغيرها ما خفي في داخل الجسم البشري، كما يعود الفضل لعالمنا الكبير في وضع الأفكار الأولية لجهاز الرنين المغناطيسي والرادار والراديو أيضاً… فأي ظلم لحق بتسيلا؟!
5- كاميرا الأفكار: يعتقد تسلا أنه من الممكن تصوير الأفكار. جاء الإلهام أثناء قيامه بتجارب في عام 1893، وقال تسلا لمراسل صحيفة بعد عقود من الزمن: “لقد أصبحت مقتنعا بأن أي صورة محددة قد تشكلت في الفكر يجب أن تنتج بواسطة العمل المنعكس صورة مقابلة على شبكية العين، والتي ربما يمكن قراءتها من قبل جهاز مناسب.” المخترع يصور بالانعكاس صورة على شبكية عين اصطناعية، يلتقط صورة ويسقط الصورة على الشاشة، وقال: “إذا كان هذا يمكن أن يتم بنجاح، فإن الأشياء التى يتصورها أي شخص سوف تنعكس بشكل واضح على الشاشة عند تشكيلها”. “وبهذه الطريقة يمكن قراءة كل فكرة من أفكار الفرد، ومن ثم ستكون عقولنا مثل الكتب المفتوحة “.
6- آلة الزلزال في عام 1893، حصل تيسلا على براءة اختراع مذبذب ميكانيكي يعمل بالبخار من شأنه أن يهتز صعودا وهبوطا بسرعات عالية لتوليد الكهرباء. بعد سنوات من تسجيل براءة اختراعه قال للصحفيين أنه في أحد الأيام عندما كان يحاول ضبط مذبذبه الميكانيكي أدى ذلك إلى اهتزاز مبناه السكني لمختبره في مدينة نيويورك، وتسبب في زعزعة الأرض. خلال الاختبار كان تيسلا يزيد القوة باستمرار، وسمع أصوات تكسير، وقال: “فجأة، كانت جميع الآليات الثقيلة في المكان تحلق في الأرجاء”. مسكت مطرقة وقمت بكسر الجهاز. وقد وصلت الشرطة وسيارات الإسعاف إلى مكان الحادث لحضور الفوضى، لكن تيسلا أخبر مساعديه أن يظلوا هادئين وأن يخبروا الشرطة بأن زلزالا قد حدث للتو.
لا يمكن لهذه السطور القلائل أن تسرد تاريخاً حافلاً بالأمجاد والاختراعات التي جاء بها عالمنا الكبير، فهذا القليل القليل من اختراعات نيكولا تسيلا الذي جارت عليه ظروف الزمان وأنكرته تماماً، لكن لم ننسى يوماً أنه صاحب أقوال حفرت أثرها في الحياة كـ”فضائلنا وعيوبنا لا ينفصلان، مثل القوة والضعف .. إذا انفصلا لا يصبح الإنسان انسانا”