كتب إعلامي سوري تغطية لإنتاج وتصوير مسلسل درامي، وأثنى على ما سماه (ديمقراطية المخرج) أضافت للمخرج صفات إبداعية تميزه في أدائه وشرح صديقنا الإعلامي، أن ديمقراطية المخرج في إخراجه تجلت في تركه الحرية لكل ممثل ليضيف أو يعدل على شخصيته، واعتبر صديقنا أن هذا التنازل عن سطوة المخرج، هو ما يضيف إلى العمل إبداعاً على إبداع.
وربما لأنني كاتب، أثارت لدي هذه (الديمقراطية في الإخراج) أسئلة تتعلق بتقاليد العمل الدرامي التلفزيوني، من هذه الأسئلة، هل تعديل النص مسألة إخراجية؟ وهل النص من حق المخرج أن يترك لعدد من الممثلين أن يغيروا فيه كما يشتهون؟
إنني أعرف أن الشرط الأول لقبول المخرج لأي نص، أن يكون قد أعجبه وتبناه، أي أنه اعترف به كنص، وأن لديه ملاحظات تساعده في الإخراج، يمكن أن يطلبها من المؤلف القادر على التعديل أو الإضافة، ضمن بنية النص الفنية والفكرية، وهكذا وبعد تبني المخرج للنص، يمارس عمله كمخرج، حيث يكون له، ومن حقه ومن واجبه، تجسيد النص المكتوب في أداء الممثلين والتصدير والموسيقى و و و…الخ، وهكذا فإن النص حق المؤلف، ومن حق المخرج أن يطلب منه التعديلات التي يراها قبل أن يتبناه، أما بعد تبني النص، يصبح ما سماه صديقنا الإعلامي (ديمقراطية الإخراج) هو في حقيقته تفريط من
الإخراج بحق غيره (المؤلف) وربما يرى البعض في ذلك (خيانة للأمانة) تجاه المؤلف.
الأمر الآخر، والمعروف لدى جميع العاملين في الدراما، أن كل ممثل (يشد اللحاف لعنده) ويوسع ويمد ويشط بدوره قدر ما يستطيع وهذا ربما يكون إحساساً إبداعياً، ولكنه فردي، ومنفرد، ولا ينسجم مع بنية النص لأنه منطلق أناني، وهو اعتداء على حقوق المؤلف، وهذا ربما يسمح لممثل أن يضيف من عندياته، ولكنه لا شك سيشوش فكرة العمل المنبثقة من إبداع المؤلف.
وإذا أنسقنا مع الإيحاء الإيجابي لتوصيف (ديمقراطية الإخراج) فربما يطلب مدير الإضاءة، أو منسق المناظر، والأخطر ربما يطلب مدير الإنتاج تعديلات تسهل عليه عمله وضمن آلية وسياسة المخرج في (ديمقراطية الإخراج) سيستجيب لهم، وهكذا يصبح النص عرضة لفوضى ستؤثر عليه مهما بلغ المتدخلون من إبداع.
وهذا ما يجعلنا نعتبر أن ما سمي بـ (ديمقراطية الإخراج) ليس هو إلا (تفريط بالتأليف) ــ وهذا سيء ومضر بنتائج العمل حتماً.
إن فكرة (ديمقراطية الإخراج) ــ التي أعتبر أنها جاءت كمبالغة إعلامية كانت مناسبة لنتحدث عن أهمية النص، والتأليف، في الدراما التلفزيونية ــ
لنؤكد أن المؤلف، ونصه، هما أو هو الأساس الأول للعمل الدرامي ــ وعلينا احترامه والتعامل معه باحترام، إن أردنا استعادة الدراما التلفزيونية بإبداعها وتأثيرها وقوتها.
وأنني أتساءل، هل صحيح فعل المخرج، ما قصده صديقنا الإعلامي، ووصفه بــ(ديمقراطية الإخراج)؟ أم أن المبالغة في تقدير التغطية للعمل هي ما دفع الإعلامي للانزلاق إلى هذا الوصف الذي فتح النقاش؟
في كل الأحوال هدفنا جميعاً استعادة ألق الدراما التلفزيونية السورية وهذا لا يتم إلا بإنتاج نصوص جيدة وباحترام هذه النصوص وعدم التفريط بها وتركها عرضة للأمزجة المختلفة.
الديمقراطية تحفظ الحقوق ولا تفرط بحق أحد أبداً.
* فؤاد شربجي - هاشتاغ سيريا