من جديد تراوغ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتسرب الأخبار المتناقضة، مرة تريد انسحاباً سريعاً من سورية، ومرة تمدد قرار الانسحاب لأشهر على ذمة «نيويورك تايمز»، ومثلها إدارة ماكرون العدائية التي لم تجد ما تكذب به إلا ذريعة محاربة تنظيم داعش المتطرف، أما أدوات أميركا الإقليمية وفي مقدمتها نظام أردوغان فلم يجد إلا العدوان - عبر إرهابييه - على القرى الآمنة المحيطة بالمنطقة المتفق عليها بموجب اتفاق سوتشي.
وبين المشغل الأميركي والتابع الفرنسي والأدوات الإقليمية يقبع الكيان الإسرائيلي في جحر فشله الذريع في الحرب على سورية، فتعترف قناته الإعلامية العاشرة بأنه الخاسر الأكبر في هذه الحرب، رغم تطمينات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو له بأن قرار ترامب بالانسحاب من سورية لن يؤثر بأي شكل على حماية الولايات المتحدة للأمن الإسرائيلي المزعوم.
وبين الخيبة الإسرائيلية والهروب الغربي والأميركي إلى الأمام تتهاوى الأدوات العميلة للغرب الاستعماري، فتستعر نيران البنادق بين الفصائل الإرهابية من ناحية، ويتيقن بعضها كقسد من خذلان المشغلين لها وذهاب مراهناتها على المحتلين أدراج الرياح من جهة أخرى، رغم تطمينات السيناتور الجمهوري غراهام بعدم التخلي عنها.
أميركا المهزومة والمأزومة لم تجد هي الأخرى بعد تسريبها عبر الصحافة موضوع تمديد الانسحاب غير الحديث عن إعادة انتشار قواتها في العراق وفي غرب الأنبار تحديداً لتبقى عينها على الأراضي السورية التي اندحر مشروعها التقسيمي فوقها، وكلنا يذكر مقولة ترامب الشهيرة: «يجب ألا يستطيع أعداؤنا التنبؤ بما سنفعل» ، فسياسات أميركا لا تقوم إلا على التسويف والمماطلة والمراوغة والدجل وتوزيع الأدوار بين مسؤوليها.
تقول واشنطن إنها بصدد الانسحاب الفوري والسريع من سورية ثم تماطل وتخترع الأكاذيب، تسرب وتدعي وتزعم أنها تقاتل داعش، وهي تمد التنظيم المتطرف بكل سبل البقاء، تجاهر بعدم تخليها عن أدواتها كقسد ثم ترميهم وراء ظهرها بعد أن أدوا مهمتهم غير الوطنية على أكمل وجه، وتقصف طائراتها الإرهابيين المزعومين وإذ الضحايا كلهم من المدنيين الأبرياء.
تدعي أنها على خلاف مع
النظام التركي في العديد من الملفات وإذ بها تنسق معه في منبج وفي شرق الفرات وفي قضايا عديدة من أجل دعم الإرهاب واحتلال الأرض، ولكن تبقى الحقيقة الوحيدة التي ينكرها كل رعاة الإرهاب وأدواتهم أن السوريين انتصروا على الإرهاب وسيحققون نصراً مؤزراً على داعميه وسيحررون أرضهم الطاهرة من رجس المحتلين مهما كلفهم ذلك من ثمن.