وفي دراسة جديدة نشرت في دورية "نيتشر" العلمية، تمكن العلماء وباستخدام تليسكوب «جيمس ويب»، من دراسة هذه المجرات البعيدة في الكون المبكر، مع تقديم رؤية غير مسبوقة حول المجرات التي تحتوي على كمية كبيرة من الغبار، والتي تجعل هذه المجرات الثلاث تبدو بلون أحمر مميز في صور التليسكوب.
لذلك، أطلق العلماء على تلك المجرات لقب "الوحوش الحمراء"، وتعمل على تكوين النجوم بضعف الكفاءة، مقارنة بالمجرات الأقل كتلة في الحقبة الزمنية نفسها.
ويقول الباحثون: إن تلك النتائج تعيد تشكيل فهمنا لكيفية نشوء المجرات في الكون المبكر، وإن المجرات ذات خطوط الانبعاث الضوئي تتميز بوجود خطوط ضوئية ساطعة في طيفها، وهي ناتجة عن الانبعاثات الطيفية من العناصر المختلفة التي توجد داخل المجرات.
وأضاف الباحثون: تحدث هذه الانبعاثات عندما تمتص ذرات الغاز في المجرات بعض الطاقة، مثل الأشعة فوق البنفسجية أو الأشعة السينية القادمة من النجوم الساخنة أو الثقوب السوداء، ثم تعود لتبعث هذه الطاقة بصورة خطوط ضوئية عند أطوال موجية محددة، وتكون هذه الخطوط واضحة في الطيف الكهرومغناطيسي، ويمكن استخدامها لدراسة خصائص الغاز في المجرات.
وقال الفريق: تعد المجرات ذات خطوط الانبعاث مصدراً مهماً لفهم العديد من جوانب الكون، فمن خلال دراسة خطوط الانبعاث، يمكن الحصول على معلومات دقيقة عن مكونات الغاز في المجرات، مثل الهيدروجين، الهيليوم، والأوكسجين، إضافة إلى تحديد درجة حرارة الغاز وكثافته.
كما تتيح هذه الخطوط أيضاً قياس المسافة بين المجرات، إذ تعتمد قوة الخطوط وانحرافها الطيفي على المسافة التي قطعها الضوء للوصول إلينا، إضافة إلى ذلك تعد المجرات ذات خطوط الانبعاث مؤشراً إلى النشاط النجمي، إذ إن هذه المجرات عادة ما تكون نشطة جداً في تكوين النجوم، ما يسبب إشعاعاً عالياً من النجوم الساخنة التي تثير الغاز داخل المجرة، ومن خلال دراسة هذه المجرات يمكننا أيضاً دراسة تطور الكون المبكر وكيفية تشكل المجرات والنجوم في المراحل الأولى بعد الانفجار العظيم.
كما تمكن الباحثون من قياس محتوى النجوم داخل هذه المجرات بدقة، لتبرز ثلاث منها بكتلتها النجمية الضخمة.
ويقول الباحثون: إن اكتشاف ثلاث من هذه المجرات الفائقة يشكل لغزاً محيراً، فعادةً تواجه عمليات تكوّن النجوم عوائق تحدّ من سرعة تحويل الغاز إلى نجوم، لكن هذه المجرات الحمراء الضخمة تمكنت من تجاوز معظم تلك العوائق بسرعة.
وكان الاعتقاد السائد حتى الآن بأن كل المجرات تتكون تدريجياً داخل هالات كبيرة من المادة المظلمة، لكن نتائج الدراسة الجديدة تشير إلى أن المجرات الضخمة في الكون المبكر، نمت بمعدلات عالية وكفاءة غير مسبوقة.
وحسب الدراسة، فإن الخصائص المميزة لهذه "الوحوش الحمراء" لم يكن من السهل تحديدها قبل وجود تليسكوب "جيمس ويب"، إذ أنها غير مرئية بصرياً بسبب التوهج الناتج عن الغبار.