تصرفات رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان القمعية والديكتاتورية أخذت بالتأثير بشكل واضح وملموس على درجة شعبية حزبه.
وبحسب العديد من التحليلات الصادرة عن الحزب نفسه فإنه بانتظار صفعة من الشعب التركي باحتمال كبير لخسارته السيطرة على مجالس المدن الكبيرة في الانتخابات البلدية التي ستجرى في تركيا يوم الـ 31 من آذار المقبل.
ويأتي هذا الانخفاض الكبير في شعبية حزب العدالة والتنمية أيضا في ظل عدم القدرة على إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية المتصاعدة واستمرار حملات الاعتقال التي يمارسها أردوغان ضد المعارضة والنشطاء وقياد ات الجيش التركي وتطويع كل مؤسسات الدولة لصالحه.
كما يدخل حزب العدالة والتنمية المعركة الانتخابية مثقلا بأعباء
الانهيار الاقتصادي وانهيار الليرة التركية والتداعيات التي أثرت على الاستثمارات والأسواق والشركات التي تتخوف من تفاقم الأزمة.
وقال مصدران في الحزب لرويترز: إن “اثنين من استطلاعاته الداخلية أظهرا أن التأييد الشعبي تراجع إلى ما بين 32 و35 بالمئة قبل حساب نسبة الثلاثين بالمئة من الناخبين الذين لم يحسموا إلى الآن لمن سيصوتون”.
ويسيطر حزب العدالة والتنمية بعد 18 عاما من الحكم على اكبر مدينتين وهما انقرة واسطنبول وعلى معظم المجالس البلدية الكبيرة في تركيا منذ نحو 20 عاما لكنه “من الممكن الآن أن يخسر العاصمة أنقرة كما يواجه منافسة شرسة في اسطنبول” كما يضيف المصدران.
ولا تقل الصفعة المرتقبة عن صفعات أخرى تلقاها أردوغان فحزب العدالة والتنمية يفقد الناخبين لصالح أحزاب المعارضة إذ تشير التوقعات إلى احتمال تعرضه لأكبر خسارة في الانتخابات المحلية المقبلة في ظل تصاعد شعبية حزب الحركة القومية وحزب الشعب الجمهوري المعارض في البلاد وفقا لاستطلاعات الرأي التي نشرت في الصحف التركية.
ويؤكد باحثون في الرأي العام التركي أن ارتباط حزب العدالة والتنمية بالمجتمع ضعف كثيرا مقارنة مع حزب الحركة القومية وقالوا: “لقد تحول حزب العدالة والتنمية مع الوقت إلى حزب الدولة والبيروقراطية”.
ورغم أن أردوغان ليس مرشحا في الانتخابات البلدية فإن نتيجتها تعد استفتاء على حكمه ومعروف عنه أنه يولي أهمية خاصة لانتخابات البلديات ويعتبرها أساسية في موقف الناخبين من حكمه.
خسارة العدالة والتنمية للانتخابات ستكون ضربة لاردوغان ومن شأن ذلك أن يسبب ارباكا شديدا له لأن شريكه في الائتلاف الحاكم وهو حزب الحركة القومية اليميني لن يطرح مرشحين في بعض المجالس البلدية.
ووفق جاريث جينكيز وهو محلل مخضرم للشؤون التركية فإنه “بالنسبة لأردوغان الأمر مسألة هيبة أيضا… إذا خسر أنقرة أو اسطنبول هذه المرة رغم التحالف فسيعني ذلك أن مستقبله يتراجع”.
واهتز الاقتصاد التركي في العام الماضي بسبب أزمة العملة التي جعلت معدل التضخم يقفز إلى 25 بالمئة وأضعفت النمو.
وفي محاولة لتخفيف النقمة الشعبية طبق حزب العدالة والتنمية إجراءات تحفيز تستهدف الناخبين الفقراء حيث رفع الحد الأدنى للأجور وخفض بعض الضرائب على الواردات وأعاد هيكلة ديون بطاقات الائتمان لكن يبدو أن أثر ذلك كان محدودا جدا وأن الاقتصاد في طريقه إلى الركود.
وتشير المعطيات والمؤشرات الاقتصادية إلى تصاعد الأزمة الاقتصادية مع بداية هذا العام لكن أردوغان واعضاء حزبه من المسؤولين في الحكومة يمضون بتوزيع اتهامات من قبيل (خيانة الوطن) على من يعبر عن رأي متشائم اقتصاديا إذ ألحق أردوغان تهمة (الخيانة) بمديري البنك المركزي التركي الذين لم يخفضوا معدلات الفوائد نزولا عند رغبته في 2018 فكان لهذه المشادات تأثيرها العكسي الكبير على الأسواق ما أدى إلى انخفاض العملة التركية وارتفاع معدلات التضخم.
كل ذلك يشير إلى أن الأزمة الاقتصادية التي تعصف بتركيا منذ أكثر من عام وأثرت على مختلف مناحي الحياة في البلاد تضرب حظوظ حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا وتلقي بظلال الشك على قدرته على معالجتها بالسبل العلمية والموضوعية بعيدا عن الشعارات والهتافات الانتخابية.