أكد السفير حسام الدين آلا المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف أن استمرار الولايات المتحدة وحلفائها في التهرب من تنفيذ التزاماتهم بشأن إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط يشجع كيان الاحتلال الإسرائيلي على المضي قدماً في رفض الانضمام إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية مشيرا الى ازدواجية المعايير التي تنتهجها واشنطن وحلفاؤها في التعامل مع مسألة استخدام الأسلحة الكيميائية مثل تجاهلها لاستخدام التنظيمات الإرهابية للأسلحة الكيميائية ضد المدنيين في سورية.
وقال السفير آلا في بيان ألقاه اليوم أمام مؤتمر نزع السلاح في جنيف: إن الجمهورية العربية السورية تجدد تأكيدها على الأهمية التي توليها لمؤتمر نزع السلاح بوصفه المنتدى التفاوضي الوحيد متعدد الأطراف المعني بنزع السلاح وللحفاظ على دوره وطبيعته وولايته وتشدد على أهمية الالتزام بالأولويات التي حددتها الدورة الخاصة الأولى للجمعية العامة المكرسة لنزع السلاح وتشاطر التأكيد في هذا المجال على الأولوية القصوى للإزالة الكاملة للأسلحة النووية.
وأضاف السفير آلا: يحدونا الأمل ونحن على أعتاب الذكرى الأربعين لإنشاء مؤتمر نزع السلاح بأن يتمكن المؤتمر من البرهنة على قدرته على تحقيق
اختراق طال انتظاره لأكثر من عقدين من الزمان إذا ما توافرت الإرادة السياسية لدى أعضائه مشيرا الى مساهمة سورية بشكل نشط في الجهود الجماعية التي بذلتها الرئاسات التي تولت رئاسة المؤتمر العام الماضي لتفعيل عمله واستعادة دوره التفاوضي المستند إلى جدول أعماله والتي أفضت إلى إنشاء الهيئات الفرعية الخمس بهدف الوصول إلى مشتركات بين الدول الأعضاء.
وقال السفير آلا: إن السعي لتبني برنامج عمل شامل ومتوازن يحافظ على الولاية التفاوضية للمؤتمر ويعكس شواغل الدول الأعضاء كان محور اهتمامنا خلال تولي الجمهورية العربية السورية رئاسة مؤتمر نزع السلاح.. ومن المؤسف أن تلك الجهود الجماعية والفردية التي أشاعت أجواء ايجابية حول إمكانية إخراج الموءتمر من حالة الجمود التي يواجهها اصطدمت بمواقف سياسية متعنتة عطلت اجتماعات المؤتمر وهيئاته الفرعية وحولتها رهينة للأجندات السياسية وهو سلوك خيم بأجوائه السلبية على نتائج عمل المؤتمر وتوج بعرقلة الولايات المتحدة لاعتماد التقرير السنوي عن أعمال الموءتمر في الجمعية العامة.
وتابع السفير آلا.. إن عالم اليوم يقف في مواجهة تحديات جمة في ظل استمرار المخاطر الوجودية التي تهدد البشرية جراء وجود
الأسلحة النووية وإمكانية استخدامها أو التهديد باستخدامها ومخاطر عسكرة الفضاء الخارجي وسباق التسلح فيه.. وتزداد هذه التحديات خطورة مع التطورات الدولية الحاصلة وفي مقدمتها تراجع الوفاء بالالتزامات المقطوعة في إطار الأجندة متعددة الأطراف لنزع السلاح بما في ذلك تنفيذ الالتزامات بشأن نزع السلاح النووي والعودة لتبني عقائد عسكرية متطرفة تعيد السلاح النووي إلى موقع الصدارة ولا تتوانى عن التهديد باستخدامه وتنامي النزعة الأحادية في اللجوء إلى ممارسة القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية انتهاكاً لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وانتشار الإرهاب واستخدامه وسيلة لتقويض استقرار الدول واستهداف أنظمتها السياسية واتخاذه ذريعة للتدخل في شؤونها الداخلية وازدياد مخاطر حصول المجموعات الإرهابية على أسلحة كيميائية واستخدامها.
وقال السفير آلا: انطلاقاً من ذلك تشدد سورية على أهمية العودة لوضع مسألة نزع السلاح على رأس أولويات المجتمع الدولي وفي قلب نظام الأمن الجماعي كما حدده ميثاق الأمم المتحدة وتشدد على أهمية الالتزام باحترام سيادة الدول واستقلالها السياسي ووحدة وسلامة أراضيها والامتناع عن التدخل في شؤونها الداخلية.. وتتفق سورية مع تحذير الأمين العام للأمم المتحدة من مخاطر الانجرار نحو الوهم القائل بأن الأمن يمكن أن يتحقق من خلال امتلاك القوة العسكرية وممارستها وليس من خلال الحكمة القائمة على الحوار والتعاون الدولي.
وبين السفير آلا انه في منطقتنا تسببت
سياسة غطرسة القوة التي مارستها الولايات المتحدة وحلفاوءها بكوارث إنسانية لا تزال شعوب المنطقة ودولها تدفع ثمنها حتى الآن ويمثل تشجيع الإدارة الأمريكية لحليفتها “إسرائيل” على الاستمرار في نهجها العدواني وحمايتها من المساءلة عن اعتداءاتها المتكررة على الأراضي السورية نموذجاً عن السياسات غير المسوءولة التي تهدد استقرار منطقة الشرق الأوسط والسلم والأمن الدوليين فيها.
وأشار السفير آلا إلى أن استمرار الولايات المتحدة وحلفائها في التهرب من تنفيذ التزاماتهم بشأن إنشاء المنطقة الخالية من
الأسلحة النووية في الشرق الأوسط وهي التزامات قانونية أملتها رزمة القرارات التي كفلت التمديد اللانهائي ل
معاهدة منع انتشار
الأسلحة النووية عام 1995 يشجع “إسرائيل” على المضي قدماً في رفض الانضمام إلى ال
معاهدة كطرف غير نووي ورفض وضع منشآتها النووية تحت نظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية والانفراد بحيازة مختلف أنواع أسلحة الدمار الشامل ورفضها الانضمام للمعاهدات والإتفاقيات ذات الصلة بحظر ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل.
وأكد مندوب سورية الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف أن فشل انعقاد المؤتمر الدولي المتعلق بإقامة منطقة خالية من
الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط في عام 2012 وفشل موءتمر استعراض ال
معاهدة عام 2015 على خلفية تنصل الدول المعروفة /ومنها دولتان وديعتان ل
معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية/ من الاضطلاع بمسوءولياتها والتزاماتها بموجب ال
معاهدة لمصلحة كيان الإحتلال الإسرائيلي وهو غير طرف في ال
معاهدة أضر بمصداقية واستدامة المنظومة التي أقرتها
معاهدة منع الإنتشار النووي.
وبين السفير آلا أن الجمهورية العربية السورية تعتبر أن المعيار الأساسي لنجاح مؤتمر الاستعراض القادم لل
معاهدة في عام 2020 يعتمد على التنفيذ الكامل لمضمون قرار الشرق الأوسط عام 1995 وعلى الالتزام الكامل بالسعي لإنشاء المنطقة الخالية في الشرق الأوسط من
الأسلحة النووية وجميع أسلحة الدمار الشامل الأخرى.
وشدد السفير آلا على أن فشل مؤتمر الاستعراض الرابع لاتفاقية الأسلحة الكيميائية نهاية العام الماضي في اعتماد الوثيقة الختامية أضاع فرصة مهمة لتقييم تطبيق الإتفاقية ومراجعة ما تم اتخاذه خلال الأعوام الخمسة الماضية نتيجة استمرار الولايات المتحدة في تسييس الإتفاقية وإصرارها على إدراج مسائل خلافية في سياق النهج العدائي الذي تنتهجه ضد سورية واتهامها الكاذب باستخدام الأسلحة الكيميائية مضيفا.. ليس أدل على ازدواجية المعايير التي تنتهجها الولايات المتحدة وحلفاؤها في التعامل مع مسألة استخدام الأسلحة الكيميائية من تجاهلها لاستخدام التنظيمات الإرهابية للأسلحة الكيميائية ضد المدنيين في سورية وعدم إدانتها لاستهداف هذه التنظيمات الإرهابية للأحياء السكنية في مدينة حلب بغازات كيميائية سامة أثناء انعقاد مؤتمر مراجعة الإتفاقية في شهر تشرين الثاني الماضي ومحاولاتها لعرقلة التحقيقات والتأثير في نتائجها.
وتابع السفير آلا.. من المثير للسخرية أن الولايات المتحدة التي تسمي نفسها بالدولة المسؤولة وتمنح لنفسها الحق في إعطاء الدروس حول وفاء الدول بإلتزاماتها تتجاهل سجلها الحافل بانتهاك التزاماتها التعاقدية.. وفي الوقت الذي يستمر فيه ممثلوها في إلقاء المحاضرات عن الإمتثال لاتفاقية الأسلحة الكيميائية فإنها تستمر في التهرب بذرائع واهية من الوفاء بالتزاماتها في التخلص من أسلحتها الكيميائية وتنفرد في كونها الطرف الوحيد في الإتفاقية الذي لا يزال محتفظاً بترسانة هي الأكبر في العالم من الأسلحة الكيميائية.
وختم السفير آلا البيان بالقول: مع إدراكنا للطبيعة المعقدة للقضايا التي تقع ضمن اختصاص الموءتمر وللطيف الواسع من المواقف بشأنها في ظل الأوضاع الدولية الراهنة فإن الجمهورية العربية السورية تشدد على أن قدرة المؤتمر على تحقيق تقدم باتجاه الخروج من حالة المراوحة والجمود خلال العام الحالي ستعتمد إلى حد كبير على التزام الرئاسات المتعاقبة بالاسترشاد في عملها بالنظام الداخلي لمؤتمر نزع السلاح وبمبادئ المسؤولية والشفافية التي تحكم دور ومتطلبات الرئاسة والتركيز على ولاية المؤتمر ودوره والقضايا المدرجة على جدول أعماله والسعي للتوصل إلى توافق حول برنامج عمل متوازن وشامل مع ولاية تفاوضية يشمل القضايا الأربع الرئيسية على جدول الأعمال وبدء التفاوض على اتفاقية لمكافحة حصول المجموعات الإرهابية على أسلحة كيميائية وقمع استخدامها لتلك الأسلحة.