دوّن العديد من العلماء والأطباء القدامى مُصنّفاتٍ عديدة تشرح العديد من الأمراض النفسية، وتبيّن أسبابها، والطرق التي اتّبعت آنذاك لعلاجها، وقد برز عدد من العلماء على مستوى العالم، من الأطباء الأجانب، والعرب ممّن اهتمّوا بدراسة الأمراض النفسية، وأسبابها، أمثال: سيجموند فرويد، وابن رشد، وابن سينا، وغيرهم إنّ الأمراض النفسيّة ليست وليدة العصر الحديث، ولا هي نتاج الحضارة، والتطور العلمي، والتكنولوجي الذي ساد في العالم، وليست لها علاقة بالبعد عن الدين، ولا حدثت بسبب مَس الجن، وسكّان العالم الآخر كما يَعتقد الكثير من الناس، إنّما هي أمراض نشأت عن أسباب مشتركة مع الأمراض العضوية، بفارق طُرق التشخيص، وطرق العِلاج لهذه الأمراض.
المرض النفسي هو :
عبارة عن اضطراب في الشخصية اضطراب وظيفي غير فيزو لوجي ، ويتمثل في الصراع الداخلي conflict المسبب للقلق والتوتر، والصراع النفسي يعني تضارب بين رغبتين متضادتين رغبات الإنسان ونزعاته الفطرية ونظرة المجتمع وتقاليده وضمير الإنسان الخلقي الذي يرفض للإنسان التمادي في رغباته ونزعاته.
ليس هناك حد فاصل بين الأمراض العقلية والنفسية والسبب أن كلا منها يؤثر في الآخر فقد يتحول مرض نفسي مثل الوسواس القهري أو الاكتئاب إلى مرض عقلي والعكس صحيح ، لذا عمد علماء النفس الحديث إلى أطلاق اسم الاضطرابات النفسية لتشمل الأمراض النفسية والعقلية، كما أن هناك فرقا بين الأمراض النفسية والعصبية ، فالأمراض النفسية منشؤها وظيفي أما الأمراض العصبية فمنشؤها خلل في الجهاز العصبي المركزي ، ففي الأمراض النفسية يكون المريض بها جهازه العصبي سليما لايوجد به أي تلف أو خلل.
نظرة المجتمع إلى العلاج النفسي:
النظرة الاجتماعية إلى فكرة العلاج النفسيّ مختلفة تماماً عن جوهره، ذلك أنها غالباً ما ترتبط بالشعور بالعيب لقصد «طبيب أمراض عقلية». والتصنيف الفوري للشخص الذي يقصد المساعدة هو «مجنون» أو «مريض». من هنا، قد يتردّد البعض في الإفصاح عن علاجهم أو يتنصّلون أصلاً من هذه الفكرة، ويكون لذلك نتائج لا تُحمد عقباها!
يحتاج كلّ امرئٍ في مرحلة من حياته إلى الدفع إلى الأمام لمتابعة العيش بفرح وراحة وثقة بالنفس واندماج مع المجتمع. لكنه في بعض الحالات قد يرجع خطوة إلى الوراء، فتتأثر كل علاقاته الشخصية والاجتماعية وحتى العملية ما لم يسع إلى العلاج المختصّ.
هناك معالجون نفسيون وعلماء نفس، بالإضافة إلى الأطباء المختصين بالصحة العقلية والنفسية، لمدّ يد العون ولتخفيف الأعراض السلبية ومساعدة الإنسان على تحقيق ذاته واكتشاف أهدافه وتعزيز ثقته بنفسه والتصالح مع ذاته... قد تكون المشكلة بسيطة وتتطلب الاستماع المتخصّص والنصيحة الموزونة، كما قد تكون المشكلة أكثر تفاقماً بحيث يضطرّ الإنسان إلى الخضوع لجلسات علاجية مكثفة، مع إمكان تناول أدوية وعقاقير خاصة.
الخوف من الطب النفسي:
أسباب الخوف من الطب النفسي كثيرة ومنها:
1/ الجهل: مع تقدم الطب عندنا، يرى البعض أن الطب النفسي جهل وليس علم.
2/ الاعتقاد بان الطب النفسي للمجانين فقط، وهذا هو السبب الرئيسي للخوف من الطب النفسي، مع أن الجنون والاضطرابات النفسية الشديدة تشكل 10% فقط من الاضطرابات النفسية.
3/ اعتقاد البعض أن العلاج الوحيد للمرض النفسي هو المهدئات وهذا اعتقاد خاطئ تماماً، بينما تؤدي المهدئات أحيانا إلى الإدمان: والذي هو مرض نفسي آخر !
4/ الجهل بمدى انتشار المرض، فالكثير يحس أن الأمراض النفسية شيء نادر وممكن نجد شخص بين ألف مريض نفسي وهذا شيء خاطئ تماماً فالأمراض النفسية خصوصاً الضعيفة في انتشار كبير.
5/ الخوف من قول الناس "فلان مريض" ويؤثر على أهله ونظرة الناس للعائلة.
6/ التثقيف الطبي الضعيف في الدول العربية.
وتلعب نظرة المجتمع إلى الأمراض النفسية دورا مهما في تحديد طريقة التعامل مع المصابين بها، ومساعدتهم على الحدِّ من تأثيرها، إلا أنها تتعدى ذلك لتحدِّد هيئة تعبير المصاب عن مشاعره وما يسببه المرض من مشكلات في حياته.