اختيار هذه المسرحية من قبل مخرج العرض الفنان المصري الشاب مروان عزب لتكون محوراً لعرض معاصر جاء بمثابة ضربة معلم، فهذا العمل الذي كتبه الحكيم سنة 1934، قيَّض له أن يحرز نجاحاً هائلاً بعد أن قدمه الموسيقار محمد عبد الوهاب عبر فيلم حمل الاسم نفسه سنة 1944، ويدّ من كلاسيكيات السينما المصرية، ولاسيما عبر حواريته الشهيرة حكيم عيون.
ورغم أن المسرح القومي المصري سبق له أن قدّم (رصاصة في القلب) مرتين الأولى سنة 1964 بطولة الراحل صلاح ذو الفقار وليلى طاهر والثانية سنة 1999 مع أنغام وعلي الحجار، إلّا أن تقديم عروض كهذه مقتبسة من السينما أو حتى الدراما يفتح الباب واسعاً على أهمية التداخل بين الفنون وتوظيفه في اللعبة المسرحية لكسب المزيد من المحازبين لأبي الفنون، والذي سيأتي إلى الخشبة رغم أنه في وعيه يعرف أنه شاهد هذه القصة مسبقاً أو سمع بها، ولكن الفضول والرغبة في المقارنة سيدفعانه لحضور العرض وربما أكثر من مرة.
ماذا لو فكر المسرحيون عندنا سواء في المسرح القومي أو المسارح الخاصة باستلهام أو اقتباس عمل شهير وإعادة تقديمه على الخشبة، هذا الأمر وإن بدا كاختطاف لجمهور التلفزيون والسينما ولكني أجده ضرورة لتحريك المياه الراكدة والجمود الذي يحكم المسرح لدينا منذ عقود، حتى بات من يحضر عروضه فئة نخبوية من الجمهور تتكرر مع كل عرض، في مقابل ابتعاد الجمهور العريض الذي وجد ضالته في الشاشة الفضية ولاحقاً وسائل التواصل والمنصات، وأستطيع القول إن النخبويين اختطفوا المسرح وصار حكراً لهم ولقضاياهم.
ماذا لو قدم المسرحيون عرضاً مستلهماً من دراما مثل: صح النوم أو أسعد الوراق أو نهاية رجل شجاع لجذب الجمهور العريض وأخذه بيده إلى الشاشة، ماذا لو فكروا بتقديم أعمال مستندة إلى أفلام سورية حققت جماهيرية على قلتها مثل: رسائل شفهية، والحدود، أليس ذلك أفضل من اقتباس قصص لكتاب أوروبيين، أو اجتراح قصص وحكايات أبطالها هم بذاتهم نخبويون إما أدباء أو فنانون، وأين عموم الناس من ذلك.
نعرف أن أزمة المسرح لدينا قائمة على النص، ولا أدل من تراجع عروض الفنان الكبير دريد لحام بمجرد فك الشراكة مع محمد الماغوط، ومن حديث صحفي لفنان مسرحي قدير هو الراحل محمود جبر بأنه كان يفتقد في أعماله للكاتب الذي يبدع أعمالاً تضحك الناس وتنبع من الواقع، وإننا إذ استطعنا أن نجعل الحداد والنجار وبائع الخضار في عداد جمهور أبي الفنون فإننا لا نفعل شيئاً جديداً، بل نعيد الأمور إلى بدايتها عندما كان هؤلاء هم جمهور المسرح.
المصدر: صحيفة تشرين