وكُني المحمل ب "الشامي" لكونه يمثل وفد الحجاج القادمين من نقطة تجمع بلاد الشام الذين يرتفع عددهم وينخفض تبعاً للأوضاع الأمنية بمتوسط 40 ألف حاج سنوياً متوزعين على حجاج الإقليم الشامي، إضافة لأعداد كبيرة من حجاج المناطق الشمالية والشرقية من داخل الدولة العثمانية وخارجها.
نزول الحجاج
تبدأ قوافل الحجاج بالوصول إلى دمشق قبل انطلاق القافلة ب 5 أشهر، والقسم الأعظم يصل في رمضان، وينزلون في خان الحرمين القريب من باب البريد، أو بالقرب من جامع الورد في حي ساروجة.
أما الحجاج الأعاجم، فكان من عادتهم النزول في حي الخراب والسويقة قريباً من مقابر آل البيت، إضافة لاعتياد بعضهم النزول في زوايا تحمل أسمائهم كزاوية المغاربة بالسويقة وزاوية الموصليين بحي الميدان.
طقوس تجهيز المحمل
يروي الباحث منير كيال في كتابه “محمل الحج الشامي" تفاصيل المحمل وطقوس تجهيزه بقوله إن "محمل الحج الشامي عبارة عن هيكل خشبي يعلوه قبة لها نوافذ أو فتحات صغيرة ملونة وعليه خطوط مطرزة باللون الذهبي".
وأضاف "كيال" أن "التنقل بالمحمل عبر شوارع دمشق كان إعلاماً عن التهيؤ والاستعداد للحج الذي كان يجري في اليوم الثاني من شهر شوال، حيث يقوم الدمشقيين بالاحتفال بتجهيز المحمل على عدة أيام".
وأكمل "يوم يسمى يوم (الزيت) حيث يتم فيه نقل زيت الزيتون المتوجه إلى الحج من كفرسوسة، وذلك برفقة محمل الحج الشامي ثم يليه يوم الاحتفال ب(الشمع وماء الورد والملبس)، وفي اليوم الرابع من شهر شوال يكون الاحتفال بدورة (الصنجق) من القلعة إلى السرايا".
وفي اليوم الثامن من شهر شوال يكون الاحتفال بحسب "كيال" بـ "دورة (الحمل والصنجق) في مدينة دمشق، وهو يوم مشهود يشارك في موكبه عساكر الشام بأحسن لباس، وهم مغرقون بالأسلحة المطلية بالذهب، كما يشارك فيه كبار رجالات الدولة والعلماء ومشايخ الطرائق الصوفية وقاضي المحمل".
وتابع "تنطلق هذه الدورة برفقة المحمل من السرايا إلى الدرويشية، فالسنانية، فمرقص السودان (شارع البدوي حالياً)، إلى طريق حي الشاغور، فباب كيسان، ثم الشيخ أرسلان، فباب شرقي، ثم إلى السروجية، وختاماً السرايا".
وختم "كيال" أنه "بعد أن يقدم الطعام للجميع، يطوى المحمل وتوضع جميع حليه في صناديق مختومة إلى يوم طلوع موكب الحج في الخامس أو السادس عشر من شهر شوال إلى الديار المقدسة بالحجاز".
وفي التفاصيل الشكلية للمحمل، فهو وفق "كيال" هيكلاً خشبياً، يعلوه هرم أو قبة، مزين بالحلي والنفائس، يحمله جمل قوي مزين هو الآخر بمختلف أنواع الحرير ومغطى بفاخر القماش، بداخله نسخة أو نسختان من القرآن الكريم ملفوفتان بالحرير وكسوة للكعبة المشرفة وكسوة أخرى لضريح النبي.
يذكر أن المحمل الشامي كان معروفاً زمن الأمويين والعباسيين، وراح يأخذ شكله الرسمي في عهد الأيوبيين والمماليك، وتحول إلى رمز مهم زمن العثمانين، واستمر في رحلته السنوية حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى.
المصدر: تلفزيون الخبر