إلا أن "سعد اللـه الجابري" طلب من الحامية عدم الاستجابة لذلك الأمر، وبالتالي ما كان من الفرنسيين إلا أن طوقوا البرلمان بمصفحات ودبابات عسكرية عنيفة وجيش من المقاتلين الذين راحوا يدكون المبنى وكل من تقع عليهم أعينهم بالنار الحي.
رمزية الموقع
يتربع وسط العاصمة دمشق في حي الصالحية الدمشقي العريق على أنقاض بناء سينما "جناق قلعة"، ولعل أبرز ما يميزه هو شكله العمراني الفريد، الذي تجسد فيه العديد من الحضارات المتعاقبة على سورية، فكان أيقونة من الجمال السوري ومعلماً عمرانياً مهماً، ولاسيما أنه سجل في قائمة التراث العالمي.
وكما جرت العادة في بلادنا، الشاعر والأديب والروائي وكل من يعمل في الحقل الثقافي هو معني كغيره في شؤون البلاد وهموم الأفراد، كما أن قلمه وفكره ينبضان بآلام الجماهير وأحلامهم، وقد كان من بين الأعضاء الذين انتسبوا إلى البرلمان من أصحاب القلم والفكر النير الشاعر السوري الكبير "محمد سليمان الأحمد" الملقب ببدوي الجبل، وهو من أعلام الشعر الكلاسيكي خلال القرن المنصرم، وقد انخرط في العمل السياسي عقب الحرب العالمية الأولى، وانتخب نائباً في البرلمان السوري عام 1937، كما انتخب بعدها مرات عدة، إضافة إلى توليه مناصب حكومية عدة كان أبرزها وزارة الصحة 1954.
وكذلك الطبيب والأديب "عبد السلام العجيلي" الذي وصفه الشاعر الكبير "نزار قباني" بأهم أديب وكاتب قصة في بلادنا، لم يكن أيضاً بعيداً عن هموم الناس وآلامهم وآمالهم وتطلعاتهم، فكان اه أن يرشح نفسه لانتخابات المجلس النيابي ،1947 فكان بذلك أصغر الأعضاء سناً في المجلس، كما أنه استدعي للانخراط في تشكيل حكومات عدة تعاقبت، بعد إعلان الانفصال بين سورية ومصر، ليصبح فيما بعد وزيراً للخارجية والثقافة والإعلام.
وقد كان المفكر فارس الخوري رئيساً للبرلمان السوري خلال ثلاثينيات القرن الماضي ونائباً عن مدينة دمشق أيضاً خلال الأربعينيات، وهو من أبرز المراجع العلمية في القانون الدولي بعد أن عاصر ألمع القضاة والمحامين ودرس الحقوق بشكل معمق جداً وقرأ وألف الكثير من الكتب، ليغدوا بذلك مجلس النواب مكاناً فكرياً وثقافياً مهماً أيضاً وليس فقط مكاناً للنقاشات السياسية والمالية.
المصدر: الوطن