من "وراء الشمس" إلى "مقابلة مع السيد آدم" .. كيف تناولت الدراما السورية قضية ذوي الهمم؟

الأربعاء 28 أغسطس 2024 - 09:02 بتوقيت غرينتش
من "وراء الشمس" إلى "مقابلة مع السيد آدم" ..  كيف تناولت الدراما السورية قضية ذوي الهمم؟

"مجانين، مبروكين، دراويش، وضحايا للعنف والتحرش" وما شابه ذلك، صور درامية عديدة، أخذت بذوي الهمم إلى أماكن لم ترتقِ بمستوى الاهتمام المطلوب لهم، لتبدو اليوم النتائج التي حققها غالبيتهم، نقطة تحول في مسار التعامل معهم وإعطائهم الأولوية بكل شيء، بدءاً بالتعليم والعمل وانتهاءً بالمشاركة في البرلمان وغيره من المستويات الأخرى.

كما أنه لا خِلاف على أن علاء الدين زيبق ( 1987- 2017)، والذي مرّت مُؤخراً ذكرى رحيله، كان بطلاً بمعنى الكلمة، تشهد له النتائج التي حققها محلياً وعالمياً في السباحة ورمي الكرة الحديدية، أبرزها فوزه في أولمبياد شنغهاي عام 2007 لذوي الاحتياجات الخاصة، لتأتي مُشاركته في مسلسل "وراء الشمس" للمؤلف محمد العاص والمخرج سمير حسين عام 2010، عرّفت الجمهور السوري به بشكلٍ مُغاير، محققاً الأسبقية في التعاطي مع أهل الهمم بجدية، تجاوزت الطريقة التي ألفناها زمناً طويلاً بشخصيات ساذجة وغير مفهومة للآخرين، تُثير الضحك أو الهلع أو التعاطف.

ما وراء الشمس

من أهم الأعمال الدرامية التي سلطت الضوء على مُصابي متلازمة "داون"، وتأكيدٌ على أحقيتهم في الحياة، ترويها حكاية أبٍ وأمٍ على علم مُسبق بأن جنينهما غير طبيعي حسب تشخيص الطب، لتأتي الإشكالية المعروفة والخلاف حول الإبقاء عليه أو التخلص منه، تفادياً للإحراج أمام الناس، لما يحمله شكله وتصرفاته المُتوقعة أو المسؤولية التي سيتوجب عليهما القيام بها تجاه الصغير غير القادر على خدمة نفسه من أعباء عليهم، لا سيما مع التقدم بالعمر .

اللافت في العمل، إظهاره عدة نماذج من ذوي الاحتياجات الخاصة "أصحاب متلازمة "داون" أو "اضطراب التوحد"، أحدهم ابن لعائلةٍ ميسورة الحال والآخر صاحب مهنة من عائلة مُعدمة، مع الانتباه إلى اختلاف متطلبات هذه الشرائح باختلاف الأعمار والظروف والبيئات، مُحوِّلاً التعاطف إلى مواجهةٍ حقيقية وأسئلةٍ لا بدّ من رصد إجاباتها.

مقابلة مع السيد آدم

حضر ذوي الهمم كخط درامي فرعي رديف في "مقابلة مع السيد آدم"، ضمن نموذجٌ سبق أن عملت عليه الدراما، في تعاطيها مع أهل الهمم، بهدف كسب المزيد من التأييد للقضية المطروحة أيّاً كانت، إذ إنه لا مبرر آخر لتقديم طفلة من ذوي الاحتياجات الخاصة في العمل المذكور سوى هذه الغاية، حيث يتم اختطافها للضغط على أبيها الطبيب الشرعي، لتغيير تقرير كتبه في جريمة قتل، وعلى أية حال، بالتأكيد كنا سنتعاطف مع أي طفل في الموقف نفسه، لكن اختيار طفلة بهذه المواصفات لم يخدم أي موضوع يخص حالتها بقدر ما استجدى التعاطف مع الأب المفجوع برحيل ابنته بعد التلاعب بأدويتها.

صعوبات أخرى

سوء التعاطي مع هذه الفئة من المجتمع ينسحب أيضاً على مسلسلات تلفزيونية عديدة، لم تُضف للصورة الذهنية التي كوّنها المجتمع عن ذوي الهمم من أصحاب الإعاقات الجسدية كالصم والمكفوفين ومحدودي الحركة، ونظرائهم ممن يُعانون من صعوبات أخرى كعسر الكلام والقراءة ومشكلات الذاكرة، بل ربما ساهمت في دعمها، ففي أحسن الأحوال هم عاجزون ومثيرون للشفقة، يحتاجون المساعدة دائماً ولا أُفق أمامهم، في وقت عملت فيه مؤسسات حكومية وخاصة، لتوفير فرص التعليم والعمل لهم، والدفاع عن حقوقهم في قضايا جوهرية كالزواج والتملّك والتنقّل، وهو ما ظهرت نتائجه بشكلٍ جليٍّ في الأعوام الأخيرة.

وفي المحصلة، لا تزال التساؤلات والإشارات قائمة تجاه أصحاب الاحتياجات الخاصة، ما يُؤكد الحاجة إلى مزيدٍ من طروحاتٍ واعيّة، تمحو أثر الاستثمارات المجانيّة المُسيئة في التجارب الفائتة.

المصدر: صحيفة تشرين

جميع الحقوق محفوظة لقناة العالم سورية 2019