هو خلاصة كتاب "القيمة الجمالية والفعل الفني- الكاريكاتور أنموذجاً" للفنان رائد خليل، الذي بحث في الرموز الدالة والأفكار المطروحة بفن الكاريكاتور، الذي تكثر فيه الحالات التعبيرية التي تترك المجال لبوح متناسل من عمق بنية المفردات الشكلية المتجانسة مع ذاكرة الفنان.
يشكل الاستدلال والبحث في مضامين العمل الفني حالة من التحليل المنطقي، في وقت أن العائد المعرفي يحتاج إلى مقدمات يقينية ومن دونها ينفتح اتجاه على طريق الغرق التأويلي والالتفاف في متاهة دائرة الاستنتاج غير المنطقي.
يتحدث الكاتب بداية عن القيمة الجمالية للفن عموماً، باعتبار أن سبب وجود هذا الفن هو التحول القصدي بعد سلسلة انعطافات محملاً ببطانة جمالية، ترجمها بعضهم ووصفها توصيفاً دقيقاً ليحملوا لنا مصطلحاً جديداً هو «الاستاطيقا» بمفاهيمه واستدلالاته، وبملاءات حداثوية بعيداً عن الكلاسيك.
كما عرف خليل ضمن شرحه هذا الفن بأنه استفزاز المخيلة لقول الجميل بحثاً عن معادلة الإدراك الحقيقي والحكم على مفاصل العمل ضمن مجالات واسعة الطيف، ومع هذه الإحداثيات الفنية المتوالدة برزت نظرة فلسفية غيرت مفهوم الكلاسيك لتقف عند عتبات القراءة الحديثة للواقع، وهذا يعد نقلة مهمة في التخلص من رواسب القديم الثابت في بنيانه التشكيلي للانطلاق نحو عوالم الذات المنغمسة في قواميس التجديد والنزعة الرومانسية.
وعن العلاقات الرمزية وتجليات المعاني وفضائها، يستشهد رائد خليل بحكمة "كونفوشيوس" التي تقول: "لا يمكن للمرء أن يحصل على المعرفة إلا بعد أن يتعلم كيف يفكر"، إذن هو سؤال الخلق الإبداعي أما الدواعي النفسية المرتبطة بالحاجات فهي التي تأخذنا إلى القول الرمزي المسربل بعواصف من المشاعر الموحية.
كما أشار إلى قول "بودلير" "إن المعرفة الجمالية نقيض المعرفة العادية، إنها معرفة رمزية، فإن غاب الرمز، غاب الفن"، مع تأكيده حاجة هذا القول إلى التفكيك ثم إعادة البناء لفهم منظومة العلاقات الرمزية وأشكالها وإسقاطاتها وتأثيرها سلباً أم إيجاباً، وهناك من يرى فيها خطراً وتقييداً للمفهوم الجمالي.
يفرض هذا الفن وفق رؤية خليل، ضرورة القراءة الصحيحة للفعل الكاريكاتوري الحاضر، معبراً عن ذلك بالقول "إن قراءة المختزلات الفنية الصحيحة في العمل الكاريكاتوري تقودنا إلى شطب مفردات بالية مترسبة ومتراكمة لعناوين سابقة أطرت العمل، وسوقت مفاهيم مغلوطة، وارتكبت فعلاً منافياً للحقيقة، أصبح فيما بعد عرفاً، بل نهجاً أو مدرسة يستند إليها الكثير في تضميناتهم وتحليلاتهم".
المصدر: الوطن