خارج عن المألوف
لهجة سورية إلى جانب ممثلين سوريين، حالة اعتاد المشاهد متابعتها في المسلسلات السورية المحلية، إلا أن الانتقادات اللاذعة لها ليست بالغريبة، لكون القصة خارجة عن مجتمعنا وعاداتنا وتقاليدنا، دون النظر لفكرة أن المسلسل تركي معرّباً، مع الاستعاضة عن الدوبلاج الصوتي سابقاً، بمشاهدة المسلسل ضمن صيغة دوبلاج صوتي وأداء الممثلين، يرافقه تغيير بسيط بتسميات الأماكن، ما جعل المشاهد في حيرة من أمره، ليبدو التكرار في التجربة عدة مرات ومسلسل تلو الآخر، وبالرغم من العدد الكبير للحلقات، قد أنتج قصصاً جميلة جداً وشخصيات مكتوبة بتفاصيل دقيقة.
صراع وشخصيات
مشاهدة عالية وشعبية، ليست بسبب جمال الديكورات أو المكياج أو رغبتنا بمشاهدة ممثلينا السوريين أو التشويق الذي تنطوي عليه الفكرة ضمن مسلسل "الخائن"، فالخيانة ولاسيما من جهة الرجل، أمر واردٌ وبشكل يومي في الحياة ولدى أي مجتمع، ولكن تجسيدها في شخصية وجودة كتابة القصة وبالتحديد شخصية الخائن، حيث كانت تتطور وتتجلى بشكل واضح ومدروس كشخصية، لها مواصفاتها وظروفها وماضيها وتتصرف بناءً على ذلك، كانت شخصية مرسومة كلون واضح ضمن لوحة! ولم نشاهد سابقاً في الدراما العربية معالجة لهذه الشخصية التي تحمل اسم العمل بهذه الدقة وهذا الشكل، حيث يفرد لها مسلسل بالكامل، بل الأكثر من ذلك اللون المقابل، الزوجة التي تعرضت للخيانة، مشاعرها وتورطها تدريجياً في قصة لم تختر التورط فيها، طريقتها في التعامل مع الحالة، كيفية تعدي المجتمع عليها، أي استضعافها في المجتمع ونكرانه لها لكونها الطرف الأضعف، المشاكل التي تواجهها، لا يمكن تجسيد هذه الحالة الاجتماعية بشكل متكامل أفضل مما رأينا وسمعنا! إذا المسلسل يحقق التشويق والتعاطف في كل حلقة من حلقاته، ويشكل حالة في الذاكرة لا يمكن نسيانها!
بينما يبدو الصراع الملحمي بين امرأتين في مسلسل "كريستال"، بالإضافة إلى تساؤلٍ مفاده .. ماذا لو ارتدت الخادمة ملابس السيدة؟! كيف ستتصرف؟ وهل تحل الخادمة مكان السيدة حتى لو واتتها الظروف؟! هو ما لم يكن بالإمكان الإجابة عنه إلّا من خلال مسلسل طويل أو بالأحرى رواية طويلة، إشكالية كبيرة جداً، وتاريخية، ولا يمكن حسمها إلّا بمشاهدة ماذا سيحدث وكيف تتصرف كلتا الشخصيتين؟! ولصالح من ستحسم المعركة، حيث بدا أن للشر صولاتٍ إلّا أنه لا يربح في النهاية!
محاولة جديدة
ما تم مناقشته والحديث عنه وتناوله، يثبت حالة التميز لجهة القصة الجيدة والأداء التمثيلي الرائع، هي نتيجة هذه التجربة التركية.. فيما يعد النقل الحرفي للمشاهد وتهجين الثقافة العربية بعادات لا تنتمي لمجتمعنا ليس خافٍ على أحد، فالجمهور ليس غبياً! ويدرك تمامًا أنه مسلسل تركي.
ليبدو الترف المقصود البعيد عن أي هدف سوى التسلية، حتى بتعقيداته خفيف في مسلسلي "لعبة حب" واضح تماماً بأن هناك (سندريلا) وجدها أمير!
ربما عكست تجربة المسلسل التركي بالنسخة العربية إيجايبات، ويبدو أنه بمثابة انتعاش، وتبشير بمرحلة درامية جديدة على كلّ المستويات، ولاسيما من حيث التعرف والتعامل مع خبرات وتقنيات مختلفة في العمل.
ولعل الدليل على ذلك، طريقة الإعلان عن المسلسل وتصميم فواصل معلنة عنه بطريقة جديدة ومختلفة وخاصة بكل عمل على حدة.
المصدر: صحيفة تشرين