تقارير إعلامية
وفي النظر لما نشرته وكالة "رويترز" في تقرير تم نسبه لقائد ميداني في المقاومة اللبنانية قال فيه: "نستعد لحرب استنزاف طويلة في جنوب لبنان من خلال قيادة عسكرية جديدة، أُنشئت بعد 72 ساعة من اغتيال نصر اللـه، ومقاتلونا يعملون وفق أوامرها وبسرية تامة، وحزب الله لا يزال يملك مخزوناً كبيراً من الأسلحة بما فيها الصواريخ الدقيقة".
فيما سارع حزب اللـه لنفي هذا التقرير بإصداره بياناً جاء فيه: "ما ورد في تقرير وكالة "رويترز" عما أسمته بالقيادة الجديدة للحرب البرية في الحزب، ما هو إلا محض خيال كتّابها وصحافييها ومستشاريها الأمنيين ليس إلا، وهو عار عن الصحة جملة وتفصيلاً".
ليُدلي بعدها مسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب محمد عفيف بعدة تصريحات ورد في أحدها قائلاً: "رقابة "إسرائيلية" متشددة تخفي خسائر العدو بعد القصف القوي والناجح للمقاومة في العمق، وثمة وسائل إعلام محلية تنشر أخبار العدو في إطار الحرب النفسية ضد المقاومة وشعبها وحلفائها، والحكومة لا تتحرك ضد هذه الوسائل".
كما أصدرت العلاقات الإعلامية للحزب خلال الأيام الماضية عدة بيانات توضح فيها بعض التفاصيل أو تنفي معلومات تداولتها وسائل الإعلام ولو كانت إيجابية كحال تقرير "رويترز".
هذا النفي، أثار تساؤلات لدى البعض عن سبب لجوء الحزب لتقرير "رويترز" أو غيرها من التقارير التي تنشرها القنوات اللبنانية أو الخليجية المناوئة للمقاومة، لا سيما وأن تاريخ العمل لدى الحزب يقوم على تجاهل الكلام الوارد عبر منصات "السوشيال ميديا" أو الإعلام.
تغير شكل الحرب
يبدو للغالبية أن طرق الدفاع والهجوم تبدلت مع تطور الأسلحة وشيوع ما يسمى بالحرب الإلكترونية، التي اعتمدها الكيان في حربه ضد محور المقاومة، ليأتي الإعلام في قمة الهرم بهدف تجييش الرأي العام ضد موضوع ما، أو لاستنزاف بيئة المقاومة عبر وضع ضغط نفسي عليها، مستخدمة أسلوب التناقض فيما يرد من أخبار وتقارير مضللة.
هذا الحشد الإعلامي الذي تمثل بما قامت به وسائل إعلام لبنانية وخليجية بفتح الهواء كاملاً لشخصيات مناوئة للحزب، يؤكد الاتجاه إلى تقديم تحليلات كاذبة عن واقع الحزب وقوته وجمهوره، بالاستناد إلى اتصال سابق لهذه الشخصيات مع بيئة مرتبطة بالمقاومة أو عبر تحريف واجتزاء معلومات من سياقها العام بقصد تزوير مضمونها.
بالمُقابل، قام الكيان من خلال وسائل إعلام عربية ولبنانية مساندة له بالترويج لإشاعات كثيرة، تتمحور حول سيناريوهات متعلقة بالمعارك البرية بين المقاومة والكيان، بهدف إحباط بيئة المقاومة ودفعها لمطالبة القيادة بإيقاف المعارك والاستسلام، أو عبر رمي أسماء في الإعلام لشخصيات يقولون أنها من ضمن الهيكلية القيادية للحزب.
هي سياسة تهدف لتحقيق غايتين أساسيتين:
الأولى، جمع معلومات عن هذه الشخصيات من خلال وسائل الإعلام وتعليقات الجمهور على وسائل التواصل الاجتماعي، أما الثانية، إجبار الحزب التعليق على الموضوع وكسر سياسة الغموض التي يمارسها مع العدو.
هذا ويعتمد الكيان في جمع معلوماته على ماكينة علمية تكنولوجية ضخمة مُدعمة بأعلى تقنيات الذكاء الاصطناعي، بحيث لا توفر أي صورة أو مقطع فيديو أو تعليق إلا وتقوم بنشره على وسائل التواصل المختلفة.
إلى جانب ذلك، تقوم تقنيات الذكاء الاصطناعي لدى الاحتلال بتحليل صور وفيديوهات إطلاق الصواريخ أو أماكن الانفجارات التي ينشرها بعض جمهور المقاومة على سبيل المثال، دون دراية بحجم خطرها، ليتمكن الكيان لاحقاً من تحديد مراكز إطلاق الصواريخ أو كشف جغرافية الأماكن المستهدفة، لتعزيز بنك معلوماته عنها.
في وقت، نجد بأن تركيز الكيان لا ينصب على بيئة المقاومة الفلسطينية واللبنانية فقط، بل يشمل بيئات كل الدول المقاومة والممانعة له، ويعتمد معها الأسلوب ذاته في التتبع والتجسس وبث الشائعات والمعلومات المضللة.
يذكر أن المعركة مع كيان الاحتلال ما تزال في بدايتها وهي بحاجة إلى دقة وحذر شديدين من البيئة الحاضنة إلى العسكر خصوصاً وأن تعويل العدو الأكبر قائم على بيئة دعم المقاومة من خلال إحباطها وكسرها أو جمع معلومات منها اعتماداً على جهل غير مقصود بالتعامل مع الإعلام و "السوشيال ميديا".
المصدر: تلفزيون الخبر