ويحكي الشريط الذي أنتجته البودي بالتعاون مع الإعلامي المصري مصطفى الكيلاني قصة "غابي صهيوني"، الذي ولد فاقداً للبصر، مروراً بمتلازمة العظم البلوري النادرة التي تصيب واحداً بالمليون من البشر والتي جعلته مُقعداً بعدما بُترت إحدى ساقيه.
إلا أن شغفه بالموسيقى الذي تم اكتشافه باكراً، جعله مصدراً للطاقة الإيجابية لكل من حوله، وغدا من خلاله قادراً على ترك أثر جميل.
يستعرض" صول" محطات من حياة "غابي" التي تشبه السلم الموسيقي، تبدأ بالـ "دو" وتستقر على "الصول"، لكونها العلامة الضابطة للسلم ككل، ومنذ اكتشاف عماه باتت والدته "رنا ديب" عينيه التي يكتشف من خلالها العالم، لتزداد المأساة في سن الرابعة بعد تعرضه للكثير من الكسور وصولاً لبتر إحدى ساقيه، لكن روح غابي العالية جعلته يقول عن ذلك "أنا الواحد في المليون".
إرادة جميلة وتصميم على تحويل المأساة إلى ملهاة موسيقية جعلت صهيوني علامة فارقة على الصعيد الموسيقي بشهادة كثيرين استعرضها الفيلم مُبتعداً عن التعظيم والتفخيم الذي يبعد هذا الشاب عن كونه إنساناً عادياً، لذلك قامت البودي بالتركيز على البعد الإنساني العاطفي من دون المبالغات التي أدلى بها البعض عن غابي.
الحب الذي سيطر على مفاصل الفيلم جعله خفيف الظل، مثل روح صهيوني الذي يُمازح دائماً كل من حوله، وهو ما ظهر في ألحانه لأغنيات ساخرة ناقدة من مثل "جاري فايز فعلاً فاز.. واستولى على جرّة غاز" للشاعر السوري ياسر صبرا.
امتازت لغة الفيلم بأنها سينمائية بسيطة، اعتمدتها المخرجة السورية بكاميرا صغيرة لم تؤثر على جودة الصورة، ومن خلالها استطاعت الإضاءة على حياة هذا الموسيقي الملهمة بالاتكاء على مجموعة صور شخصية له وفيديو جمعه مع أول آلة أورغ جاءته هدية من خاله، اكتشف عبرها قدراته الموسيقية، إلى جانب لقاءات مع أصدقاء غابي ومنهم الفنان عابد فهد والمغنية "فايا يونان" التي سبق أن لحن لها "وجهك قصيدة يا حلو.. وجهك نغم موجوع" من كلمات الشاعر عدنان الأزروني.
تقول المخرجة البودي أنها رتبت نهاية أخرى للفيلم، وهي حفلة كبيرة لغابي، لكن شاء القدر أن تدخل مصيراً مختلفاً وغير متوقع، إذ اضطر بسبب وضعه الصحي إلى إغلاق المعهد الذي كان يدّرس فيه الموسيقى في اللاذقية، وعليه أخذ الفيلم مساراً مختلفاً، فتقرر إنهاء الفيلم بوضع الاستقرار عن طريق نقطة “صول”، حيث يتحكّم جابي في مصيره وحياته، وقد يختار اتجاهاً جديداً أو مختلفاً.
كتب سيناريو الفيلم زهرة البودي وكارمن قاسم، واعتمد على لقاءات مع صهيوني وأشخاص مقربين منه ومطلعين على تجربته، واستمر تصوير الشريط التسجيلي (مدير إضاءة وتصوير فادي زوان) حوالي سبع سنوات بسبب الظروف الصحية لبطل الفيلم التي اضطرته لدخول المشفى عدة مرات.
يذكر أن زهرة البودي أخرجت وكتبت عدة أفلام قصيرة منذ عام 2015، منها: فيلم "سالي" الوثائقي الذي عرض في عدد من المهرجانات الدولية ونال عدة جوائز، فيلم "أحلام صغيرة" بطولة النجمة نادين تحسين بيك 2016، فيلم “رغبات” 2017 والذي نال عدة جوائز عالمية.
المصدر: صحيفة تشرين