صياغة واستعراض فحسب.. البيان الحكومي: شامل لكافة النواحي والعبرة في التطبيق

الإثنين 21 أكتوبر 2024 - 07:51 بتوقيت غرينتش
صياغة واستعراض فحسب.. البيان الحكومي: شامل لكافة النواحي والعبرة في التطبيق

"الظروف الحساسة تستوجب الانتقال السريع غير المتسرع إلى الأهداف المنشودة".. بهذه الكلمات اختصر رئيس مجلس الوزراء محمد غازي الجلالي ما جاء في البيان الحكومي الذي تقدم به أمام مجلس الشعب، مبيناً أن الكفاءة الحقيقية للبيان ليست في صياغته واستعراضه فحسب، بل في سرعةِ تطبيق ما ينطوي عليه من تطوير.

نعم، هو عامل الوقت الذي أشار إليه الجلالي بقوله: الزمنَ غالٍ وثمينٌ، وموردٌ نادرٌ يتآكل كلَّ يوم وكلَّ ساعة وكلَّ لحظة، وعلينا كسبُ رهانِ إدارته معاً.

الظروف الراهنة

مؤكداً أن صعوبة الظروف لا تقف عائقاً أمام التنفيذ، كما أن اشتداد الضغوطِ لا يثني همَّة الحكومة، ومن يستندُ إلى ثقة ودعم قائد الوطن وتطلعاتِ المواطنينَ لا يبقى أمامَه ما يحول دون نجاحه في أداء مهامِّه..

وفي وصفه لما يواجه اقتصادنا الوطني اليوم قال الجلالي: يعاني اقتصادنا اليومَ مشكلات عديدة، تتمثل بمعدلات نموٍّ اقتصاديٍّ ضعيفةٍ ومتذبذبةٍ بين عام وآخرَ، التي تَشكّلَت بفعل خليطٍ من العوامل الخارجية والداخلية، إضافة إلى ضعف الموارد وخروج جزء هام من مكامن الإنتاج، مع ارتفاعٍ مطَّرد بتكاليفه وأسعار مستلزماته.

كلُّ ذلك في ظل خللٍ هيكليٍّ في مقومات وحوامل النمو الاقتصادي والتراجعِ في مساهمة القطاعات الإنتاجية في الناتج المحلي الإجمالي، لافتاً إلى أن قطاعات الطاقة والبنى التحتية والخدمات، تعاني ارتفاعاً متزايداً في الطلب عليها في ظل نقص الموارد ومحدودية القدرة على تلبيتها وتحسين نوعيتها.

ولعل عدمَ توفر الكميات المطلوبة، ولو بالحد الأدنى، من حوامل الطاقة يُعد التحديَ الأهمَّ في وجه الحكومة برأي الجلالي، وفي ظل عدم توفر هذه الحوامل تبقى كل عناصر الإنتاج الصناعي والزراعي مقيدةً ومعطلةً.

مبادئ عامة

كما أكد الجلالي أن المبادئ العامة التي تنطلق الحكومة منها في بيانها تبدأ بالتوافق مع المبادئ الاقتصادية والاجتماعية التي كفلها دستور الجمهورية العربية السورية، ومراجعة السياسات بما يضمن تطوير المنظومتين: الاقتصادية والإدارية، إلى جانب مراعاة اعتبارات الكفاءةِ الاقتصادية المتصلةِ بالعدالة الاجتماعية، والاعتماد على القدرات الذاتية في عملية الانتقال التدريجي المدروس إلى اقتصادٍ منتج، مع اعتماد معايير النزاهةُ والشفافيةُ ومكافحةُ الفساد والهدر، وحمايةُ وصونُ المال العام، وتعزيزُ الرقابة المجتمعية، مبيناً بالوقت نفسه أهمية الحوار والتشاركية بين مختلف مكونات الدولة، لإحداث نقلة نوعية في السلوك والأداء للمؤسسات والأفراد.

ضمن هذا الأفق، جاء البيان شاملاً لكل النواحي سواء في مجال الدفاع والأمن الوطني أم في مجال السياسة الخارجية والعلاقات الدولية وفي مجال البنى التحتية والموارد والطاقة والخدمات، إضافة إلى التنمية البشرية والإدارية وصولاً إلى التنمية الاقتصادية التي حاولت الحكومة في بيانها أن تعمل على توفير بيئة اقتصادية محفزةٍ وجاذبةٍ للاستثمار والإنتاج، تتّسم بمؤشراتٍ اقتصاديةٍ مستقرة تسهم في تحقيق التنمية المتوازنة والشاملة.

داعياً الحكومة لتبني الأهدافَ الاقتصادية العامة والمتمثلة بتحفيز النمو الاقتصادي المتوازن والشامل واستقرار المستوى العام للأسعار، إضافة إلى تحسين عدالة توزيع الدخل، وتعزيز كفاءة سياسات إعادة توزيع الدخول والثروات بما يضمن الاستثمارَ الأمثلَ للموارد المتاحة.

التحديات والعوائق

كما لم يغفل البيان مسألة جوهرية، وهي مواجهة الحكومة ضمن مساعيها لتحقيق هذه الأهداف جملةً من التحديات وأهمُّها: الآثار السلبية المتراكمة لبعض السياسات الاقتصادية الموروثة منذ عدة عقود، والتي عمّقت المشكلاتِ الاقتصاديةَ بشكل كبير في ضوء المستجدات الطارئة التي تعرض لها اقتصادُنا. إضافة إلى ضعف وتذبذب معدلات النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة وتزامنه مع عدم استقرار أسعار الصرف والمستوى العام للأسعار حيث تجلتِ الأزمة الاقتصادية بشكل ملموس من خلال ارتفاع معدلات التضخم مترافقاً مع تراجعٍ في الطلب الكلي (الركود التضخمي). والأهم وجود عجز كبير في الموازنة العامة للدولة وميزانِ المدفوعات، مع محدودية الموارد المالية المتاحة للاستثمار في ظل ظروفِ الحرب الإرهابية والإجراءاتِ القسرية الأحادية الجانب.

مع الإشارة إلى التفاوت التنموي الكبير بين المحافظات والذي تعمق بسبب الحرب ومفرزاتها مع التحديات المتصلة بالأمن الطاقي والمائي والغذائي وأثرها على القطاعات الاقتصادية وغيرها.

ونوه البيان إلى أن الحكومةُ سوف تعمل على تحقيق أهدافها ومواجهة التحديات من خلال: الاستمرار في إعادة هيكلة سياسات الدعم الحكومي لزيادة كفاءتها وخلقِ ترابطٍ بين الدعم الاجتماعي والدعم الموجّه لأغراض الإنتاج. والحفاظ على الأراضي الزراعية والحدُّ من استخدامها لأغراضٍ غير زراعية ومنع تدهورها، والتوسع في استصلاح الأراضي. إضافة إلى السعي لتكامل القطاع الزراعي مع القطاع الصناعي لتوفير احتياجاته من كل المنتجات الزراعية التي يمكن إنتاجها محلياً. ومن ثم تحفيز النشاط الاقتصادي في الريف.

المصدر: الوطن

جميع الحقوق محفوظة لقناة العالم سورية 2019