وقد عنون الباحثان الدراسة الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب باسم "التشكيل التنغيمي في المنظومة العربية.. دراسة تأصيلية نظرية ومخبرية".
عقبات البحث
تحمل هذه الدراسات جانبين من الصعوبة، الأول: غياب المخابر اللغوية في معظم جامعات الوطن العربي، التي تعد العقبة الكبيرة في وجه الباحث الذي يقصد دراسة هذا الجانب، وهو ما يشكل أساساً عقبة في طريق الدراسات الصوتية عموماً.
أما الثاني: هو غياب المراجع المعدة لذلك أو الأبحاث السابقة، إلا ما يكتب عنه باستحياء وضمن أسطر قليلة قصيرة أو ما يترجم عن دراسات معدة مسبقاً في دول غربية.
أقسام الدراسة
تحوي الدراسة جانبين اثنين: نظري يحوي فصولاً متعددة بمعدل 4 فصول، تناول الباحثان في الفصل الأول تحديد مصطلح التنغيم ومكوناته في معاجم المصطلحات، والتنغيمة وحركتها في العبارة والشدة والطول والوقف في النطق وتلونات الكلام الانفعالية.
فيما خصصا الفصل الثاني للتنغيم في البحث الصوتي القديم، فوجدنا أن القدماء قاموا باستخدام التنغيم بفئاتهم جميعها، كما هو حال الفلاسفة، ممن استخدموا هذا المصطلح كاستخدامنا نحن اليوم له، فيما تناول الفصل أيضاً التنغيم لدى علماء التجويد ولدى النحاة والبلاغيين.
أما الفصل الثالث، كان للتنغيم في البحث الصوتي الحديث، عبر التطرق لبعض الدراسات الحديثة وتحديد القيمة العلمية لها ومحاولة الاستفادة القصوى منها.
وفي الفصل الرابع من القسم الأول "النظري" انطلقنا من مبدأ التمييز بين مستويين من مستويات اللسان، مستوى صوتيات اللغة ومستوى صوتيات الكلام، ومن التمييز بين الكلام المكتوب والمنطوق، وذلك من خلال فهم منظومي للغة، وقد نوقش في هذا الفصل التنغيم والوحدة اللغوية والتنغيم والوحدة الكلامية.
أما القسم الثاني وهو المخبري فقدم شرحاً وافياً عن مرحلة إعداد المادة الصوتية ومرحلة تحليلها بعد إجراء التجارب المخبرية.
كما احتوى هذا القسم توصيف الأنماط التنغيمية في الكلام العربي، وفقاً لمعطيات الصور المخبرية، متناولاً تنغيم الاستفهام والطلب والنداء والتمني والخبر وغيرها.
مصطلحات
مفردات خاصة بالتنغيم، ختم بها الباحثان نتائج البحث، وقدما جدولاً بالمصطلحات التي وردت فيه وبعض المراجع التي تطرقا لها، ومن بعض النتائج: إدراك علمائنا في الدرس التراثي الصوتي لمفهوم التنغيم وإدراكهم لوظيفته.
كما اهتم علماء التجويد بدراسة أصوات اللغة ذاتها مفردة ومركبة، مؤكدين على أثر المشافهة في نقل المعنى الصحيح للنص القرآني وأن لكل وجه من وجوه المخاطبة طريقة نطقية خاصة، علماً أن النحاة واللغويين كانت دراسة الأصوات عندهم لغرض منهجي نحوي أو صرفي أو معجمي.
– اللغة ظاهرة إنسانية تجمع بين المظهر المادي المتمثل في أصواتها وبين المظهر المعنوي المتمثل في التفاهم عبر وسائل من كلمات وجمل.
– تأكيد أهمية تعليم التنغيم الصحيح للعربية وربطه بالدلالة التركيبية، وضرورة الانطلاق من أن المنطوق هو الأساس في تفسير المكتوب.
– التمييز بين جانبين في التنغيم، الأول إبلاغي يخبرنا أن الجملة انتهت أم لم تنته وهل العبارة سؤال أم جواب أم خبر؟ والثاني شعوري انفعالي تنقل ما لدى المتكلم من حالة شعورية.
أنماط تنغيمية
كما توصل البحث في تحليله للأنماط النحوية البلاغية مخبرياً إلى سبعة أنماط تنغيمية:
الأول: مستوى صاعد- هابط مع محور النغمة الأساسي، وتندرج ضمنه عبارة الاستفهام التي لم تحذف منها أداة الاستفهام.
الثاني: مستوى عال- صاعد يبقى فوق مستوى النغمة الأساسي، وتندرج ضمنه عبارة الاستفهام التي حذفت منها أداة الاستفهام.
الثالث: مستوى عال- هابط يبدأ من ذروة تمثلها أداة النهي فوق مستوى النغمة الأساسي وينتهي فوق مستوى النغمة أيضاً، وتندرج ضمنه عبارات النهي.
الرابع: مستوى عال صاعد- هابط يبدأ فوق مستوى النغمة الأساسي ثم يصعد إلى الذروة ثم يهبط ولكنه لا يتجاوز محور النغمة الأساسي، وتندرج ضمنه عبارة الأمر.
الخامس: مستوى هابط- صاعد ذروته فوق مستوى النغمة وقاعه تحت مستوى النغمة الأساسي، ويندرج ضمنه التمني والنداء.
السادس: مستوى عال- هابط صاعد تبدأ ذروته فوق مستوى النغمة الأساسي ثم يهبط حتى يقرب مستوى النغمة الأساسي، لكنه لا يتجاوزه ليصعد من جديد إلى ما دون الذروة، ومن أمثلته عبارة التعجب.
السابع: مستوى هابط يبدأ فوق مستوى النغمة الأساسي ولا يرتفع عنه ارتفاعاً يذكر، لكنه يهبط في النهاية مشيراً إلى انتهاء التعبيرة، ومن أمثلته عبارات الخبر وما شابهها.
المصدر: الوطن