بشكل ما، تُذَكِر حكاية جمال خاشقجي بمحنة سعد الحريري.. لولا أن النتيجة قد تكون أكثر دموية وأعتى جريمة، الشبه يأتي من خوض الحكايتين في بحار الكذب والنفاق وإخضاع كليهما للتسييس الساذج، بل من العيب أن نصف هذه السلوكيات المجرمة بالسياسية.
قد تتغير المعطيات ريثما تظهر هذه المقالة على الملأ، وما لن يتغير حولها هو ما سأتعرض له في هذه المقالة.. في كل الأحوال أنا لست محققاً جنائياً، وأعدكم أن أحافظ على مهمة ودور الإعلامي.
أنا بالتأكيد ضد الجريمة... ومن باب أولى أنا ضد هذا الشكل من الجرائم.. المعتمدة على الخطف والكذب والنفاق والادعاءات التي لا هدف لها سوى تعميم الكذب ومحاولة تعمية العقل للوصول إلى أهداف غير شريفة ولا أخلاقية.. هذا الشكل من الجرائم المتعمدة المخطط لها والتي تمارسها أجهزة مخابرات ومؤسسات ترتبط بحكومات ليس جديداً.
مع فرق التشبيه الأكيد.. تذكرون جريمة اختفاء المناضل المغربي الشهيد المهدي بن بركة..؟؟ الذي اختطفته المخابرات المغربية بالتعاون مع المخابرات الفرنسية وأخفته واتهموا فيما بعد الجنرال أوفقير الذي كان حين وقوع الجريمة وزير داخلية الحسن الثاني.. ثم انتهى مفعوله وتمت تصفيته في المغرب بعد اتهامه بمحاولة انقلابه على مولاه الملك.
حتى اليوم لا حقيقة راسخة مؤكدة عن مصير المهدي بن بركة.. مات السر مع أوفقير الذي دفنوا سره معه.
قلت مع فرق التشبيه.. وسأقوم فوراً بالتفريق.. فشتان ما بين المناضل العربي الكبير.. وما بين خادم الأسرة السعودية بلا تحفظات ولا حدود جمال خاشقجي.. هو فقط ذهب ضحية صراع العائلة السعودية.. وبعيد كل البعد عن أن يكون شهيد الحرية أو الإعلام الحر.. هو ضحية بيعه لكل هدف أو خلق ليجري وراء أسياده في الأسرة السعودية.. أنا كإعلامي لا يشرفني أبداً أن يقرن اسم هذا المنافق الكذاب بعنوان الحرية والإعلام.
طبعاً هذا شيء وجريمة إخفائه وما تبعها من مجاهيل.. شيء آخر..
ومن السذاجة فعلاً أن نتهم
المخابرات السعودية ومحمد بن سلمان.. ونظهر المخابرات التركية كأنها محقق الحق.. والباحث عن الحقيقة..!!
لا يمكن لهذه الجريمة، حتى وإن بقيت في حدود الخطف والإخفاء، أن تتم دون تعاون
المخابرات السعودية مع المخابرات التركية.. ولا معنى لدموع أردوغان السخية المدعية.. مخابرات كلا البلدين وحكومتاهما لهما التاريخ الأسود في هذه المسألة.
بالأمس دخل رجل أمن أردوغاني إلى احتفال منظم بحماية وإدارة الأمن التركي فقتل السفير الروسي بكل دم بارد بعد أن وجه له خطاباً توضيحياً... هل تم ذلك بعيداً عن أعين وخطط المخابرات التركية..؟!
أما
المخابرات السعودية فتاريخها أسود، في تصفية معارضيها.. هل تذكرون الراحل ناصر السعيد.. لقد خطفوه وقتلوه وأخفوا كل معالم الجريمة.. وساعدتهم مخابرات دول أخرى على تنفيذ جريمتهم.. ومضت الحكاية دون أن تستثير الإعلام المنافق..
الملك عبد الله هدد علناً وأمام مؤتمر القمة العربي الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي بالقتل..؟! (والسح دح نبو.. والود محمد بن سلمان طالع لبوه).. لعائلته..