زيارةٌ تستمر ليومين على رأس وفد وزاري رفيع المستوى سياسي واقتصادي، ويلتقي خلالها الرئيس الأسد ليُجريا معاً مباحثات تتناول العلاقات الثنائية وملفات سياسية واقتصادية مشتركة. إضافةً لاستعراض مجمل التطورات الإيجابية في المنطقة، وتقييم المتغيرات على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما على صعيد تراجع النفوذ الأمريكي والمعسكر الغربي، الذي كان لإيران وسورية ولمحور المقاومة طوال العقود الماضية، دوراً أساسياً في الوصول إليه.
وعليه تكتسي هذه الزيارة بالإضافة للطابع الاحتفالي بانتصارات محور المقاومة، أهمية كبيرة على صعيد تأكيد العديد من الثوابت، خصوصاً بما يتعلق بالكيان المؤقت (الذي استشعر ذلك فحاول الرد عبر اعتداءات حلب قبيل فجر اليوم الثلاثاء).
أبرز الثوابت والرسائل
_التأكيد على عمق وتاريخية العلاقات ما بين سورية وبين الجمهورية الإسلامية، التي بدأت منذ ما قبل انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، والتي شكّلت رداً استراتيجياً على اتفاق السادات الاستسلامي مع كيان الاحتلال.
هذه العلاقات التي لم تستطع كل التحديات الكبرى التي تسببت بها الولايات الأمريكية في ضربها، بل كانت عامل تطوير لها، منذ حرب الدفاع المقدّس عام 1980 التي كان صدّام حسين أداتها التنفيذية، وصولاً الى الحرب على سورية عام 2011، التي كانت المجموعات الإرهابية المموّلة عربياً أداتها التنفيذية.
ولذلك تبعث هذه الزيارة رسالةً للدول (خاصة العربية منها ومن خلفهم الإدارة الأمريكية)، التي قد تظن مجدداً بأنها تستطيع ضرب العلاقات السورية الإيرانية، من خلال الابتزاز بأن ذلك مستحيل لأسباب عدّة أهمها: أن هذه العلاقات مستندة على مبدأ السيادة الكاملة للدولتين، ومبنيّة على المشاركة والتعاون التام أمام المصاعب مهما كلّف ذلك من تضحيات.
_ إيصال رسالة مدويّة للكيان المؤقت مجدداً، بأن الطوق من قبل محور المقاومة حوله يزداد شدّة واقتراباً، وهو ما أرعبه سابقاً قبل 13 عاماً، فكيف سيكون الحال به بعد كل هذه التهديدات التي استطاع محور المقاومة بكل أطرافه تحويلها الى فرص ثمينة وتحولات استراتيجية في الصراع.
وهذا ما عبّرت عنه العديد من وسائل الإعلام العبرية والخبراء والمحللين هناك، ومنهم يوني بن مناحيم الذي قال بأن إيران تعمل على تقوية وتشديد محور المقاومة ضد إسرائيل، مستدلاً على ذلك من خلال زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى بيروت منذ أيام، والتي سيتبعها زيارة السيد رئيسي هذا الأسبوع لسورية. معتبراً الخطوة الأخيرة تشكّل زيارة تحد من قبل إيران، بينما تعمل على "ترسيخ وجودها عسكريًا واقتصاديًا في سورية". كاشفاً بأن الإسرائيليين قلقون من نوايا إيران لتوحيد محور المقاومة ضد إسرائيل وتشجيع سورية على لعب دور أكثر فاعلية في القتال ضد الكيان.
_ لن تقلّ النتائج الاقتصادية للزيارة عن النتائج السياسية، لا سيما وأنها تأتي في ظل توقف القتال من جهة والانفتاح العربي على سورية من جهة ثانية، وما سيترتب على ذلك حتماً من إعادة للإعمار وتنشيط الدورة الاقتصادية للبلاد، التي عانت بشدّة من ويلات الحرب، ومن الحصار الأمريكي. فالمحور الذي كان بارعاً في اجتراح الحلول العسكرية، لن يعجز بالتأكيد عن اجتراح الحلول الاقتصادية لتحدّياته.
_ توجيه رسالة قوية للإدارة الأمريكية بأن نفوذها في هذه المنطقة سيتضاءل أكثر فأكثر، حتى خروجها من سورية ومن ثم المنطقة نهائياً، وهذا ما أفرزته تطورات ساحات محور المقاومة.
المصدر: الخنادق