وأشار إلى أنه وبالرغم من العلاقة المتميزة بين البلدين سورية وإيران، والتنسيق العالي في مختلف الظروف التي مررنا بها، إلّا أن هذه الزيارة تكتسب أهمية خاصة في ظل التحولات العالمية وما تفرزه من تحوّلات إقليمية، هذه التحولات التي أتت لتثبت صحة المبادئ السياسية لكلا البلدين، والثبات على هذه المبادئ هو الذي يعطينا القدرة على توجيه الأحداث ونتائجها في صالح دولنا وشعوبنا بدلاً من أن نكون كقطعة خشب ملقاة في البحر تأخذها الأمواج حيث تشاء. هذا المخاض العالمي والإقليمي بحاجة للمزيد من التمسك بالثوابت، بالحقوق، بالسيادة، بالدفاع عن المصالح، لا تقديم مزيد من التنازلات تحت عنوان “الانحناء إلى العاصفة” هذا العنوان الذي كان السبب في تعزيز السياسات الاستعمارية عبر العالم وخسارة الشعوب لحقوقها وحياة أبنائها وأوطانها”.
وأضاف الرئيس الأسد: “مواضيع كثيرة نوقشت اليوم، كان في مقدمتها محاولات القوى الاستعمارية ضرب استقرار الدول وتقسيمها وهي سياسة استعمارية قديمة لكنها لا تزال قائمة حتى اليوم. والوسيلة الأجدى لمواجهتها هي في استغلال الفرص الإيجابية الراهنة والمتمثلة في تحسن العلاقات بين عدد من دول منطقتنا بعد عقود من التوتر منطلقين من بديهة أن دول وشعوب المنطقة تربح سوية أو تخسر سوية”.
وتابع الرئيس الأسد: “وعبّرنا في هذا السياق عن ترحيبنا بتطور العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية لما سيكون له من انعكاس إيجابي كبير على مناعة دول في هذه البقعة الهامة من العالم. هذه المناعة أكثر ما نحتاجها اليوم في مواجهة الكيان الصهيوني الشاذ الذي لا يحيا إلا على الدماء والموت، هذه حقيقة وقد أثبتها الشعب الفلسطيني البطل عبر مقاومته ومقاوميه على مدى العقود السبعة الماضية ونيّف. وإن دعم هذا الشعب بكل الوسائل التي تمكنه من الصمود ومن الدفاع عن نفسه وأرضه هو واجب وهو ضرورة، فهو الذي يشكل حاجز المناعة الأول لنا جميعاً في مواجهة ذلك الكيان المسخ”.
وقال الرئيس الأسد: “أما في إطار اللقاء الرباعي الذي يعقد في موسكو، فقد أكدنا على أهمية هذه المبادرة مع الحرص على أن يكون محورها وهدفها هو انسحاب القوات المحتلة وإيقاف دعم المجموعات الإرهابية كطريق طبيعي لعودة العلاقات العادية بين أي بلدين. ووجهت الشكر للسيد الرئيس رئيسي على الدور الفعال الذي تلعبه إيران إلى جانب روسيا لإنجاح هذه المبادرة الهامة”.
وأضاف الرئيس الأسد: “كان هناك حيز هام للعلاقات الاقتصادية في نقاش اليوم وحواري مع السيد الرئيس، والاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم توقيعها اليوم، والمشاريع التي تمت مناقشتها وهي كثيرة وعديدة ستعطي دفعاً كبيراً لهذه العلاقات عبر تطوير آليات ترفع مستوى التبادل التجاري والاستثمار بين البلدين وتخفف من آثار العقوبات المفروضة علينا مستفيدين من تغير الخارطة الاقتصادية للعالم وانتقال التوازن تدريجياً باتجاه الشرق والذي من شأنه أن يحرر الاقتصادات الدولية من هيمنة الغرب ويفقد الحصار مفاعيله تدريجياً”.
وتابع الرئيس الأسد: “كما أكدنا على حق إيران في امتلاك الطاقة النووية السلمية كمصدر للطاقة وكمسار للتطور العلمي وكأداة للازدهار الوطني، وسعي الغرب لحرمانها منها هو جزء عضوي من سياسته الاستعمارية القديمة الجديدة الهادفة لإبقاء الجهل والتخلف والفقر سائدة في بقية أنحاء العالم. هذه الزيارة ستشكل محطة هامة في مسيرة العلاقات الثنائية لبلدينا وشعبينا لأنها مبنية على صوابية خياراتنا المقاومة من جانب ولأنها تأتي في ظروف دولية تاريخية تنحى باتجاه تعدد الأقطاب وأفول قوى الهيمنة من جانب آخر، وكلانا لديه الإرادة لكي يكون لاعباً فاعلاً لا منفعلاً في هذا العالم الجديد الذي هو قيد التشكل، نعمل فيه سوية ومع أصدقائنا في العالم لصالح شعوبنا وشعوب العالم قاطبة”.
وختم الرئيس الأسد بالقول: “أشكر السيد الرئيس إبراهيم رئيسي على تلبيته الدعوة لزيارة سورية اليوم، وأتمنى له كل التوفيق في مهامه الوطنية الجسام وللشعب الإيراني الشقيق كل التقدم والازدهار”.