صحيفة «الغارديان» البريطانية أوضحت أن علماء من المعهد استطاعوا إعادة تكوين هذه الرائحة الموجودة في سائل التحنيط، حيث اعتقد القدماء المصريون أن هذا السائل يجعل المومياء تعيش للأبد في الحياة الآخرة.
وقالت الصحيفة: إن أبرز ما تم التوصل إليه بشأن هذه الرائحة فهو كالتالي: المقبرة التي وجدت بها الأواني هي لسيدة تدعى سينيتناي كانت تعمل مرضعة لدى الفرعون أمنحتب الثاني، ويعتقد أن كانت تعيش منذ قرابة 35000 عام.
تم الحصول على عينات من جرتين تحتويان على كبد ورئتي مرضعة الفرعون وفي هذه البقايا من المرضعة يوجد سائل التحنيط.
الجرتان كان قد تم إخراجهما منذ أكثر من قرن من وادي الملوك الشهير في مدينة الأقصر المصرية على يد عالم الآثار هوارد كارتر.
هذه الرائحة المنبعثة من سائل التحنيط تحتوي على روائح تجمع بين شمع العسل ومادة الكومارين ورائحة من إحدى أشجار الصنوبر فضلاً عن حمض مستخرج من القرفة والقرنفل.
تعاون العلماء مع صانعة العطور الفرنسية كارول كالفيز وعالمة المتاحف الحسية صوفيا كوليت إيريش لإعادة تكوين رائحة سائل التحنيط، فيما اعتبرت باربرا هوبر قائدة الدراسة من معهد ماكس أن إعادة تصنيع رائحة الخلود تشبه آلة الزمن، حيث يمكن للناس الآن تجربة رائحة الماضي.
من جانبه، أوضح المسؤول بوزارة السياحة والآثار المصرية والمحاضر في كلية الآثار جامعة القاهرة شريف شعبان أن العلماء نجحوا في معرفة رائحة ومكونات مستحضر استخدم في التحنيط.
وبين الباحث والخبير في الآثار المصرية أن المادة المستخدمة في التحنيط والتي لها هذه الرائحة المميزة هي خليط من شمع العسل ومادة الكومارين والتي تشبه للفانيليا، ومادة الراتنج، فضلاً عن مواد تجمع رائحتها بين القرنفل والقرفة، مؤكدا أن المادة المستخدمة في التحنيط ليست مكتشفة حديثا لكن إعادة تركيبها بشكل يؤدي لصدور نفس الرائحة القديمة هو الجديد في الأمر.
وحول أهمية اكتشاف «رائحة الخلود» يوضح شعبان أن إعادة تكوين الرائحة باستخدام التكنولوجيا الحديثة يعتبر سبق علمي كبير، لأن المصريين القدماء لم يتركوا لنا اي برديات تصف بشكل مفصل المواد العطرية التي استخدمت في عمليات تطهير المومياء خلال عمليات التحنيط، حتى أعاد العلماء اكتشافها،لافتا إلى أن التطور العلمي يكشف لنا عن تفاصيل الحياة في مصر القديمة منذ قرابة 3500 عام.
وأشار شعبان إلى أن مكونات هذه الرائحة جاءت من خارج البلاد، ما يكشف عن علاقات تجارية دولية قديمة وراسخة لمصر وصلت إلى جنوب شرق آسيا، وتعود للعصر الذي عاشت فيه تلك المرضعة أي قبل 250 عاما من وفاة رمسيس الثاني.
موضحاً، أن المصريين القدماء لم يكونوا الأمة الوحيدة التي توصلت للتحنيط لكنهم كانوا الأكثر براعة في هذا المجال، وتوصلوا لمواد ومستحضرات غاية في التطور، وأن هذا التطور في مجال التحنيط جعل الممياوات التي يزيد عمرها عن 3 آلاف عام لا تزال محتفظة برونقها وتفاصيلها.