واعتبر أن الملتقى هو المكان الأمثل للوصول إلى إيجاد محاور عمل مشتركة بين الجهات المعنية بالعملية الاستثمارية في القطاعين العام والخاص، للوصول إلى جملة إجراءات وحلول فعالة تساعد أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين على توفير الظروف الملائمة لمتابعة أنشطتهم الخدمية والإنتاجية والدخول في استثمارات جديدة لسد الاحتياجات الملحّة للسوق المحلية من صناعات وخدمات أساسية بأقل تكلفة وأسرع وقت ممكن.
إمكانيات متنوعة
وتابع: «برغم ظروفنا القاسية والمتتالية التي أنهكت الاقتصاد، فإننا نمتلك إمكانيات نستطيع من خلالها الخروج من كل التداعيات السلبية التي خلفتها الحرب والكوارث الطبيعية»، مؤكداً أن الهيئة منحت بموجب قانون الاستثمار 64 إجازة استثمار في شتى القطاعات الاقتصادية (الصناعة، توليد الكهرباء بالطاقة المتجددة، السياحة، الزراعة، الإنتاج الحيواني وغير ذلك، وتتجاوز التكلفة التقديرية لهذه المشاريع 2.1 تريليون ليرة، ومن المتوقع أن تحقق أكثر من 5000 فرصة عمل جديدة، وقد دخل 16 مشروعاً من هذه المشاريع حيّز الإنتاج الفعلي وذلك خلال فترة قياسية، وكان آخرها مشروعين في محافظة السويداء في الصناعات الغذائية وتربية الدواجن والطيور، كما يوجد 9 مشاريع بدأت بتركيب الآلات وخطوط الإنتاج، و20 مشروعاً آخر باشرت أعمال البنى التحتية، معتبراً أن ما سبق خير دليل على العمل بجهد خلال الفترة الماضية لبناء بيئة حاضنة للاستثمارات الجديدة والنجاح في ذلك، مشدداً على ضرورة بذل المزيد من الجهد والتعاون والتفاعل لدخول كل المشاريع مرحلة الإنتاج وتشغيل العمالة.
وبيّن أنه خلال هذا الملتقى سيتم تحديد المشكلات والأعباء الإضافية التي يعاني منها الاستثمار في هذه الظروف، وستُناقش العقبات التي تواجه الجهات المعنية في القطاع العام لتجاوزها خلال فترة زمنية محددة، لتصب النتائج في تحفيز العملية الإنتاجية وتشجيع الشراكات التي من شأنها كسر الحصار في ظل الظروف الراهنة، مؤكداً أن أهم المشكلات التي تواجه المستثمرين تتمثل في نقص حوامل الطاقة وصعوبة تأمين القطع الأجنبي اللازم لعملية الاستيراد للمواد الأولية ووسائل الإنتاج، وكذلك حجم التمويل اللازم لإعادة إقلاع المشاريع المتوقفة أو المتضررة، لذلك سيتم دعم مشاريع الطاقة البديلة والمتجددة، وتلك التي تسهم في عملية إحلال بدائل المستوردات من خلال الاعتماد على الموارد المحلية، لذلك سيكون هناك تشارك مع المستثمرين ورجال الأعمال في استقراء الأوضاع الاقتصادية والفرص الكامنة فيها، واستشفاف اتجاهات الاستثمار وتقبل جميع الأفكار والمشاريع المطروحة، وعرض الفرص الاستثمارية الجاهزة المعدة من الجهات العامة في مختلف الأنشطة والقطاعات.
رصد العقبات
وفي سؤال لـ«الوطن» عما يميّز هذا الملتقى عن الاجتماعات السابقة التي تخص الاستثمار، أجاب دياب: «ما يفرّق بين جميع المؤتمرات والملتقيات هو الظروف الاقتصادية إذ تتغير الاحتياجات بشكل دائم، لذا تعمل الهيئة بشكل دوري على رصد العقبات والإشكاليات، للخروج بخطة لتسريع وتحفيز العملية الإنتاجية في سورية»، مؤكداً أنه ما قبل الحرب كان هنالك خط واضح للاستثمار، واحتياجات ورؤى مختلفة عما هي اليوم، فنقص الموارد ومحدوديتها يتطلب إدارة النشاط الاقتصادي والاستثماري بكل كفاءة وفاعلية، حرصاً على عدم تراجع المؤشرات.
واعتبر دياب، أن قانون الاستثمار نظم العملية الاستثمارية ومأسسها، وعمل على الأدلة الإجرائية، ليكون هناك مرشد للمستثمر وشفافية في الكلف والإجراءات والزمن الذي يعد رأسمال للمستثمر لذا تم اختصاره من فترة تأسيس كانت تطول لسنوات في السابق، لتصل بموجب القانون الجديد إلى 30 يوماً، يتمكن من خلالها من الحصول على كل الموافقات والتراخيص والحصول على مزايا الاستثمار بشرط أن يكون جدياً في التعامل.
المستثمر الخارجي
من جهته، طالب رئيس غرفة تجارة حلب عامر الحموي بضرورة تسهيل أعمال المستثمرين والبحث عن المستثمر الخارجي وخاصة العراقي الذي يود بشكل دائم العمل مع سورية، لذا يجب تسهيل تأشيرات الدخول إلى سورية والقيام بكافة الإجراءات المبسّطة للعمل في السوق السورية، مشيراً إلى أنه خصّ بالذكر العراق لأن الأسواق العراقية مهمة لدعم الاقتصاد الوطني، إضافة إلى أن الجانب السوري لمس بلقاءاته مع دول العرب استعدادهم الكامل للعودة إلى سورية، معتبراً أن إعادة تأهيل الأرضية الاقتصادية تعد جزءاً لا يتجزأ من الاستثمار المقصود.
وأشار الحموي في كلمة له خلال الملتقى الاقتصادي الرابع (المال والأعمال)، إلى أن عنوان المرحلة القادمة هو المرونة في تطبيق القرارات والمراسيم الموجودة، وهذا ما تعمل عليه حالياً هيئة الاستثمار السورية، ولكن يجب أن يعمم ذلك على كل المؤسسات لأن سورية اليوم بحاجة للحفاظ على المستثمرين الموجودين، مؤكداً ضرورة وضع النقاط على الحروف خلال هذا الملتقى لتفعيل الإمكانات الموجودة وجذب المستثمرين.
أهمية البحث العلمي
معاون مدير عام الهيئة العليا للبحث العلمي للشؤون العلمية الدكتور غيث صقر، أكد في كلمة له ضرورة توظيف مخرجات البحث العلمي واستثمارها، موضحاً أنه عند الحديث عن الاقتصاد الوطني فلا بد من الحديث عن أهم ركائزه وهو اقتصاد المعرفة المتمثل بالبحث العلمي والمنتجات المعرفية والمخرجات البحثية التي تسهم بشكل كبير في تعزيز الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أن دور الهيئة في هذا الملتقى هو تعزيز الصلة وآليات الترابط بينها وبين القطاعات الإنتاجية والخدمية العامة والخاصة الطالبة للبحث العلمي والمستفيدة منه، بما يساهم في تمويل وتسويق وربط البحث العلمي باحتياجات التنمية الحالية بما يدعم الاقتصاد الوطني، مشدداً على ضرورة دعم الهيئات العلمية على كل الصعد بما يخص الموازنة الداعمة للارتقاء بالمنتجات المعرفية واستثمارها لدعم الاقتصاد الوطني لتكون مصدر دعم مالي، معتبراً أن أي مخرج بحثي لم يتم استثماره والاستفادة منه يعد ضياعاً للوقت.
التحول الرقمي
وتضمن الملتقى أيضاً، محور مراقبة التحول الرقمي بالاقتصاد الرقمي ودور ذلك في الاقتصاد والاستثمار والمال، وحول ذلك، بيّن المهندس ورجل الأعمال الدكتور عمار دلول في كلمة له، أنه منذ عام 2020 بدأت وزارة الاتصالات بدراسة لوضع إستراتيجية تحول رقمي عامة على مدى سبعة أعوام منذ عام 2023 وحتى عام 2030 لتبدأ كل سنة بعدة مشاريع، وقد بدأ العام الأول بـ12 مشروعاً كل واحد يخص وزارة معينة وذلك لتحقيق تكاملية والوصول إلى نظام متكامل، أحد هذه المشاريع كان في وزارة الاقتصاد يخص أتمتة المشتريات الحكومية الذي تم التعاقد عليه مسبقاً والمباشرة بتنفيذه، فإذا تم حصر تدفق المشتريات من خلال المعلومات الموجودة، والربط بين منصة الأسعار ومنصة الواردات من القطع الأجنبي ومنصة الاستيراد، وبذلك يتم إغلاق أول دائرة للمشتريات الحكومية لضبط حركة نموها بما يتناسب مع الوارد بالقطع الأجنبي، أما الدائرة الثانية فتتعلق بالاستثمار الخاص فمن المفترض أن يكون هناك مشروع مواز غير حكومي لمعرفة التوريدات المتعلقة بمشتريات القطاع الخاص، وبذلك يتحقق نوع من التكاملية بين المشتريات الحكومية ومشتريات القطاع الخاص، وذلك نتيجة لوجود فواقد بسبب عدم توفر معلومات يمكن بناء تحليلات عليها، لذا المطلوب اليوم للأتمتة هو جمع البيانات ووضعها في مكان واحد وهو هيئة خدمات تقانة المعلومات، للتمكن من مقاطعة المعلومات وتحليلها، وهذا الأمر مهم على صعيد المصارف والتجار لأن ذلك يؤدي إلى وصول شامل لكل الشرائح المستهدفة.
الاستثمار عدوى
وفي تصريح خاص لـ«الوطن»، اعتبر رئيس اتحاد غرف التجارة السورية محمد أبو الهدى اللحام أن هذا الملتقى تكرر في عدة مناسبات لجذب الاستثمارات، ولكن الظروف الحالية التي تمر بها البلاد من مقاطعة أجنبية وعقوبات تؤثر بشكل كبير في العملية الاستثمارية، مشيراً إلى أن الاستثمار يعد بمنزلة عدوى إذا نجح به شخص واحد فسيكون ذلك محفزاً لجميع المستثمرين الراغبين، سواء بوجود قانون للاستثمار أم عدمه، وما يهم أن يكون المواطن هو المستثمر الأول، لافتاً إلى وجود استثمار جيد في المناطق الاستثمارية على الرغم من كل الظروف، وذلك نتيجة للتسهيلات الكبيرة المقدمة.
وقال اللحام: «عندما ترى الشركات الخارجية استثمارات سورية فإنها حتماً سترغب بالاستثمار، والدليل على ذلك أن الكثير من أصحاب هذه الشركات أبدوا استعدادهم وطلبوا من الجانب السوري إقامة معامل في الداخل للمشاركة بها، لأن ذلك يعني لهم وجود ثقة بالقوانين السورية، وبرأيي إن قوانيننا رغم أنها تدعم المستثمرين إلا أنها تشكل عقبات أمامهم».
البحث عن مخارج
من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور علاء أصفري في تصريح لـ«الوطن»، على هامش أعمال الملتقى، أن هذا الملتقى مهم لرجال الأعمال والسياسات المالية في سورية، فالاقتصاد السوري يعاني بشكل كبير، وبالتالي هناك محاولات للبحث عن مخارج اقتصادية ومالية في ظل هذا الحصار المطبق غير الشرعي الذي تمارسه أميركا والغرب على سورية.
وتحدث أصفري في محوره عن دور التعاون والتشبيك مع دول البريكس، مشيراً إلى ضرورة العمل على هذا الجانب بشكل كبير لأنه مسار طويل، فلا يمكن الآن قبول انضمام سورية إلى هذه الدول بسبب الشروط الموضوعة من قبلها، ولكن التعاون معها مهم جداً في كسر الاحتكار العالمي وهيمنة الدولار الأميركي وللسياسات العنجهية الأميركية والغربية التي تضغط اقتصادياً على الشعوب لممارسة سياسات تهم أميركا، وبالتالي أصبح هناك انحراف كبير في المؤسسات الماليـة الدولية من جهة وجود شروط سياسية قبل إعطاء أي قرض تنموي لأي بلد نــام، ولكــن دول البريكــس تحاول اليوم الخروج من هذه المجموعة وبنت بنـك التنميـة الجديـد الذي يمتلك حالياً 200 مليار دولار، وسوف يكون هناك تعامل بالعملات المحلية أولاً بين هذه الدول التي أصبح عددها الآن 11 دولة (البريكس والبريكـس بلس التي تضم دول السـعودية ومصر والإمارات والأرجنتين وإثيوبيـا وإيران التي انضمــت مؤخـراً)، وبالتالي سوف تشـــكل هــذه المجموعة أكثر من 40-45 بالمئة من الناتج الإجمـالي العالمي في الاقتصاد الكلي.