الملل في العمل.. ميزة وليس خطأ

الإثنين 25 سبتمبر 2023 - 16:30 بتوقيت غرينتش
الملل في العمل.. ميزة وليس خطأ

في عصر التكنولوجيا أصبح الملل آفة، ومع ذلك فالملل ليس شيئا يجب أن نسعى للتخلص منه كما هو الحال مع الجوانب الأخرى في أذهاننا.

يقول الخبراء إن الملل قد يخدم غرضا أساسيا عندما يخبرنا بأن هناك شيئا ما في حياتنا ليس بالطريقة التي نريدها أن تكون، وعندما نحاول تجنب الملل نفقد إشارات مهمة ونبدأ في عيش حياة خالية من المعنى، فهل الملل في العمل ميزة وليس خطأ؟

متى يصل الموظف إلى مرحلة الملل؟

يقول المستشار في الموارد البشرية والمدرب في إدارة الأعمال محمد تملي "لن يصل الموظف إلى مرحلة الملل إلا إذا أصبحت بيئة العمل تتسم بالروتين، وأصبح الموظف لا يحصل على معارف أو يتعلم مهارات جديدة".

وفي الكتاب الإداري المميز "أحبب موظفيك أو اخسرهم" يذكر المؤلفان بيفرلي كاي وشارون جوردن إيفانز أنه بعد سؤال أكثر من 17 ألف شخص عن سبب بقائهم في المؤسسات التي يعملون فيها دون شعورهم بالملل أو رغبتهم في الاستقالة كانت إجابة 91% منهم بسبب "العمل المثير والتحدي".

وقالوا إن "التقدم الوظيفي والتعلم والتطور" أيضا من أهم الأسباب التي تجعل عملهم ممتعا وغير ممل، وبالتالي استمرارهم لأطول فترة ممكنة في العمل لدى المؤسسة نفسها.

 خسارة الموظفين الموهوبين

ويبين المدرب تملي من خلال فترة عمله مدير موارد بشرية وشغله لعدة مناصب إدارية عليا أن الملل كان من الأسباب الرئيسية لفقدنا الموظفين الموهوبين.

ويؤكد تملي للجزيرة نت أن للملل في العمل عواقب كبيرة تضر بتقدم المؤسسة وأهمها:

أولا: عدم وجود الإبداع والابتكار، وبالتالي قلة الإنتاجية، في وقت يعد الابتكار والإبداع سمة أساسية للشركات الناجحة.

ثانيا: فقد الموظفين الموهوبين من ذوي الخبرة، وبالتالي التأثير الكبير على جودة العمل.

كيف أتعامل مع الملل؟

يقول المدرب تملي إن الموظف الذي بدأ يشعر بالملل في عمله على الرغم من حبه لعمله وللبيئة التي اعتاد عليها قد يتساءل "كيف أتعامل مع الملل بشكل لا يؤثر سلبا على سعادتي وإنتاجيتي وإنجازي؟".

ويقترح بعض النصائح العملية:

حدد السبب.. لماذا بدأت أشعر بالملل؟

إن كانت الثقافة المؤسسية وعلاقتك بمديرك تسمحان لك بأن تصارحه بذلك فافعل هذا الأمر بهدف الحصول على حلول منه أو توجيهات تساعدك.

انضم لدورة تدريبية جديدة تتعلق بعملك وابحث عن كل ما هو جديد وتعلمه.

فكر خارج الصندوق، أي خارج نطاق عملك ووصفك الوظيفي، وفكر كيف يمكنك أن تقدم اقتراحات وأفكارا جديدة للعمل.

 ما تأثير الملل على الصحة العقلية والنفسية؟

تقول المتخصصة النفسية الدكتورة أمل الصرايرة "يمكن أن يكون الملل في العمل عاملا مهما يؤثر في الصحة العقلية والنفسية".

ويتم تعريف الملل عادة بأنه حالة من عدم الاهتمام أو عدم المشاركة في المهام أو البيئة المحيطة.

وتتحدث الصرايرة للجزيرة نت عن عواقب الملل في العمل وتشمل:

الصحة العقلية والنفسية: يمكن أن يؤدي الملل لفترة طويلة إلى الشعور بالإحباط والعجز والتعاسة، مما قد يسهم في الإصابة بحالات مثل الاكتئاب والقلق.

الضغط النفسي: يمكن أن يكون الملل مصدرا للضغط النفسي، حيث قد يشعر الأفراد بعدم الرضا والإحباط من أدوارهم.

الصحة الجسدية: على الرغم من أن الملل المزمن ليس سببا مباشرا فإنه يمكن أن يؤثر بشكل غير مباشر على الصحة البدنية، مثل الإفراط في تناول الطعام.

الاستفادة من الملل

وللاستفادة من الملل في العمل ومعالجة آثاره السلبية تنصح الصرايرة بما يلي:

التأمل الذاتي: استخدم الملل كفرصة للتأمل الذاتي لفهم سبب حدوثه، هل يرجع ذلك إلى المهام المتكررة أو قلة التحدي أو عدم الاهتمام بالوظيفة نفسها؟

التواصل: يمكن أن يساعد التواصل المفتوح مع المشرفين أو الزملاء في معالجة الأسباب الجذرية للملل، وقد يؤدي ذلك إلى تعديلات في مسؤوليات الوظيفة أو إضافة التنوع أو العثور على مهام جديدة تتوافق مع اهتمامات الفرد ومهاراته.

تنمية المهارات: فكر في استغلال وقت التوقف عن العمل لاكتساب مهارات جديدة أو توسيع المهارات الحالية، وهذا لا يمكن أن يجعل العمل أكثر جاذبية فحسب، بل يعزز أيضا آفاق العمل.

فترات الراحة والاسترخاء: استخدم تقنيات الاسترخاء أثناء فترات راحة العمل لتقليل التوتر ومنع الإرهاق.

صياغة الوظيفة: قم بدور نشط في إعادة تشكيل وظيفتك من خلال تحديد المهام التي تجدها ذات معنى والدعوة إلى إدراجها في دورك.

وتقول الصرايرة "يمكن أن تكون للملل في العمل عواقب سلبية على الصحة العقلية وحتى الجسدية، ولكنه يمكن أن يكون أيضا بمثابة إشارة للنمو الشخصي وتحسين الوظيفة، كما أن التعرف على أسباب الملل ومعالجتها يمكن أن يؤدي إلى تجربة عمل أكثر إشباعا وجاذبية".

 أسئلة استكشافية

يعتبر الملل مصطلحا واسعا مرتبطا بمجموعة متنوعة من الأسباب، لذا استكشف السبب الجذري له.

ونشر موقع "هيلثي غيمر" أسئلة استكشافية يمكن أن يطرحها الموظف على نفسه لمعرفة أسباب شعوره بالملل، ومنها:

هل تستمتع بأي جزئية من عملك الحالي؟ إذا كانت الإجابة نعم فما الذي يجعلها ممتعة؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك فما الذي لا يعجبك فيه؟

ما شغفك؟ ماذا تحلم أن تفعل؟

ما أقوى مهاراتك؟ ما الذي تجيده بشكل طبيعي؟

إذا طلبت من شخص آخر أن يصف أقوى مهاراتك فماذا سيقول؟

هل يمكنك التفكير في فرص لاستخدام مهاراتك أو مواهبك في وظيفتك الحالية؟

إجابتك الصادقة ستساعدك في معرفة السبب الكامن وراء شعورك بالملل، وبالتالي محاولة معالجته لزيادة مشاركتك في العمل.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

جميع الحقوق محفوظة لقناة العالم سورية 2019