ولتجنب إثارة غضبهم، لا بد أولا من التعرف على الشخص الحساس، ثم فهم الطريقة المثلى للتعامل معه دون إثارة غضبه.
من هو الشخص الحساس؟
يقول اختصاصي الطب النفسي الدكتور أسامة كنعان إن الشخص الحساس "هو الذي يميل إلى الشعور بمشاعر وعواطف وأحاسيس وتصورات للعالم من حوله بقوة أكبر من الشخص العادي. وقد تؤدي هذه الحساسية إلى مشاعر مؤلمة أو سلبية بشكل أكبر من أثرها في الشخص العادي، كذلك الأمر بالنسبة للمشاعر الممتعة والمحفزات الإيجابية".
وبحسب كنعان، فقد أظهرت دراسات أن الأشخاص الحساسين لديهم زيادة في نشاط بعض أجزاء الدماغ المرتبطة بالوعي والتعاطف والتخطيط والمعلومات الحسية.
ويتابع، "لا تعتبر الحساسية العالية مرضا أو اضطرابا عقليا، بل هو وصف لمجموعة من سمات الشخصية والخبرات التي يتمتع بها بعض الأشخاص".
سمات الأشخاص الحساسين
وحدد كنعان في حديثه لـ"الجزيرة نت"، عددا من السمات التي يتصف بها الأشخاص الحساسون:
المشاعر العميقة والقوية: وجود مشاعر قوية إيجابية أو سلبية على حد سواء، فقد يبكون بسهولة من مشهد فيلم بسيط، أو يقدرون بشدة جمال منظر طبيعي.
أحاسيس جسدية قوية: عادة يكون للأشخاص ذي الحساسية العالية وعي شديد بالأحاسيس الجسدية، سواء أكانت أصواتا أو أضواء أو إحساسا، فقد لا يتحملون الأماكن الصاخبة أو المزدحمة أو الساطعة، أو يفضلون ارتداء الملابس الناعمة والمريحة فقط.
التعاطف الكبير مع الآخرين: عادة يلتقط الأشخاص الحساسون مشاعر الآخرين بسرعة وسهولة، ويمكنهم أن يشعروا بما يشعر به الآخرون، مما قد يورثهم إرهاقا مستمرا لامتصاص مشاعر الآخرين.
حساسية عالية تجاه الآخرين: غالبا ما يواجهون صعوبة في قبول التعليقات النقدية، حتى لو قيلت بشكل معقول، ويشغل بالهم ما يفكر به الآخرون.
حساسية عالية تجاه النفس: غالبا ما يكون الشخص كثير القلق والتوتر، ويلقي اللوم على نفسه، ويواجه صعوبة بالتخلي عن أفكاره ومشاعره السلبية.
علامات أخرى: مثل ضعف القدرة على تحمل الألم، والتزامهم بالروتين وكرههم للتغيير، بالإضافة للحذر الشديد كي لا يرتكبوا الأخطاء، وسرعة الغضب، وردود الفعل غير المتوقعة، وحاجتهم إلى وقت أطول لاتخاذ القرارات.
كيف تتعامل مع الشخص الحساس؟
يقترح اختصاصي الطب النفسي بعض الطرق للتعامل مع ذوي الحساسية العالية، بحيث لا تؤذي مشاعرهم، ومنها:
التقبل وعدم إطلاق الأحكام عليه.
معالجة وتقليل ما يشعرهم بالتوتر.
توفير بيئة هادئة لهم.
احترام الحدود، وإعطاؤهم مساحة شخصية أكبر.
التواصل معهم بلطف.
توفير الدعم والمساعدة عند الحاجة.
الاستماع لهم بعناية.
تقدير احتياجاتهم للتعبير عن مشاعرهم دون لومهم.
لا تأخذ الأمور على أنها شخصية عند حاجتهم إلى البقاء وحدهم.
تجنب إخبارهم أنهم حساسون للغاية.
مشاعر متزايدة
وبدورها، تقول المستشارة وخبيرة الإتيكيت رامه العساف إن شخصيات الأفراد متعددة وفق تعدد ثقافاتهم وبيئاتهم "لذلك قد نرى عدة أنماط لشخصياتهم المختلفة تحتاج إلى معاملة خاصة. وقد نجد كثيرا من الأشخاص لديهم حساسية عالية أثناء التعامل معهم، وهذا يتطلب معاملة خاصة ومختلفة عن التعامل مع الشخصيات الأقل حساسية".
ويمتلك 15-20% من الأشخاص سمة الحساسية العالية في شخصيتهم، وفق العساف، "ودائما ما نراهم يواجهون كثيرا من المواقف الحياتية المتقلبة بحدة، وفقدان القدرة على التحكم بانفعالاتهم بشكل كبير والسيطرة عليها، وقد تكون بشكل مبالغ به في بعض المواقف، وقد تكون واهنة في مواقف أخرى".
وتشرح العساف في حديثها للجزيرة نت، "الشخص عالي الحساسية يظهر مشاعر متزايدة ومبالغ بها إلى حد كبير، وتفاعل أقوى مع شعوره الداخلي، مثل الشعور بالفرح أو الألم، كما يمتلك حدسا قويا يسيطر على تعامله مع المواقف التي تشعره بالإرهاق والتوتر".
وتضيف العساف أن لدى الأشخاص الحساسين، "علاقات وثيقة بالصداقة ويهتمون بها، وتكوين روابط عميقة، لكنهم في المقابل يتجنبون كثيرا من المناسبات الاجتماعية والاستماع إلى الموسيقى الصاخبة".
الأشخاص الحساسون مبدعون
وترى العساف أن الأشخاص الحساسين يتمتعون بمستوى عالٍ من الإبداع إذا ما تم التعامل معهم بالشكل السليم "فلديهم سرعة بديهة، ودقة ملاحظة، مع قدرة عالية على التحليل والتركيز، كما أن لديهم القدرة على أداء المهمات التي تحتاج إلى الانتباه والدقة والسرعة".
وتشير المستشارة وخبيرة الإتيكيت إلى أن وعي الناس بطبيعة شخصياتهم ونمطها "مهم يسهم في التعامل بمرونة مع المواقف الحياتية المختلفة ومع الآخرين من حولهم، فلكل شخصية نقاط قوة ونقاط ضعف، لكن تنمية القوة عند إدراكها يثبط من الضعف".
تجارب ترهق الأشخاص الحساسين
من جانبه، نشر موقع "هايلي سينستيف رفيوج" بعض التجارب المرهقة للأشخاص الحساسين، ومنها:
الأصوات المفاجئة أو المتكررة: مثل الضجيج الذي يأتي من طنين سيارة الشرطة بالقرب من المنزل، أو الضوضاء المتكررة المزعجة مثل الساعة التي تدق، إذ يتمنى الشخص ذو الحساسية العالية أحيانا العيش داخل فقاعة.
بقاء الأصدقاء أو الضيوف في المنزل: يحب الشخص الحساس عائلته، ويمكنه تحمل وجودهم في مساحته لفترة قصيرة، لكن إذا بقي الضيوف لأكثر من يوم، فإنه يشعر بالتوتر والضيق.
المواجهة: يكره إيذاء الآخرين، وعند المواجهة -مهما كان نوعها- فإنه يشعر بأنه قد يصاب بالشلل، ولا يعرف ماذا يقول أو ماذا يفعل.
الفوضى والاضطراب: خصوصا في المساحة الشخصية الخاصة بذوي الحساسية العالية، إذ يحتاج إلى كل شيء منظم ونظيف، ولا يستطيع تقبل الفوضى.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية