وأضاف أن هذه الطقوس بدأت بالتلاشي شيئاً فشيئاً منذ عدة سنوات، باستثناء بعض الحالات القليلة في الأرياف، فاليوم لم يعد بإمكان ربة المنزل أن تطهو الطبخات «المعتبرة» على حد تعبيره كي تسكب منها للجيران، متابعاً: «كان السوريون ينتظرون قدوم شهر رمضان للقيام بمثل هذه الطقوس، أما اليوم فقد أصبح ذلك عبئاً على النسبة الكبيرة منهم».
وفي حسبة بسيطة أجراها الدكتور عربش، أكد أن وجبة الإفطار لأسرة مكونة من 5 أشخاص أصبحت تكلفتها تصل إلى 300 ألف ليرة بالحد الأدنى، أي إن ذلك أصبح يكلف شهرياً نحو 9 ملايين ليرة، ولكن لا يستطيع المواطن إعداد مثل هذه الوجبة بشكل يومي، مؤكداً أنه في حال تناولت الأسرة وجبة فول أو فتة فقط على الإفطار، وسندويشة لبنة أو جبنة على السحور لكل فرد من أفرادها بشكل يومي، فإنها ستحتاج خلال شهر رمضان إلى 2.5 مليون ليرة، فكيلو اللبنة يصل إلى نحو 35 ألف ليرة، وكيلو الجبنة بـ70 ألف ليرة، وكيلو الفول بـ18ألف ليرة وكذلك الأمر بالنسبة لكيلو الحمص، ناهيك عن الزيت وغير ذلك من المواد.
وأشار عربش إلى أن الجار كان في السابق يسكب من طبخته لجاره كي يتشارك الجوار فيما يأكلون ولإحداث تنوع غذائي على الموائد الرمضانية، وكانت تحدث بين أبناء الحي الواحد أي الذين يتشاركون الطبقة الاجتماعية نفسها، وكان الكثير من السوريين يقدمون مساعدة للفقراء الذين يطرقون أبوابهم بعد مضي نحو نصف ساعة من الإفطار لإطعامهم مما تبقى من طبخاتهم، ولكن حتى هذه الظاهرة أصبحت غير موجودة اليوم، أي إن فعل الخير خلال شهر رمضان أصبح أمراً صعباً لأنه يحتاج قدرة كبيرة وملاءة مالية باتت غير موجودة سوى عند نطاق ضيق من الناس.
وفي سياق متصل، أكد عربش أن الكثير من السوريين يضطرون خلال شهر رمضان إلى بيع بعض مما يمتلكونه من الذهب في حال توفره للتمكن من تأمين متطلبات شهر رمضان.