تتفاقم الأزمة داخل منظمة "حظر الأسلحة الكيمائية" بسبب الـتلاعب السافر من قبل واشنطن ولندن ومصادقة أعضائها على مشروع القرار البريطاني الذي يمنحها صلاحيات إجراء تحقيقات جنائية وقانونية الأمر الذي يفتح الباب على إنهاء دورها لحماية الأمن والسلم الدوليين.
ولا تأتي خطورة التلاعب البريطاني الأميركي من حرمان المنظمة من طابعها العلمي فقط بل من تحويلها إلى سيف وأداة بيد الدول الغربية بعد أن عجزت العاصمتين المذكورتين عن فرض أجنداتها ال
سياسية وخاصة في سورية عبر مجلس الأمن الدولي.
إن هذا التصرف الأميركي البريطاني يعكس النظرة الحقيقية الانتهازية لأجهزة الأمم المتحدة وما حدث في «الكيميائية الدولية» سبق تجريبه في مجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن الذي حاولت الدول الغربية تحويل جزء من صلاحياته للجمعية العامة للامم المتحدة خلافاً لميثاقها والهدف هو تمرير قرارات دولية تستخدم كغطاء للعدوان على الدول التي ترفض السياسات الغربية.
لقد لجأت واشنطن ولندن إلى الخيار الخطأ والخطر هذه المرة في محاولاتها المستمرة لتجريم الحكومة السورية لأن قرار توسيع الصلاحيات في الكيمائية لا يحظى بإجماع دولي وله عواقب من الصعب تقدير خطورتها إذا ما ذهبت واشنطن ولندن إلى الأخير في استثماره.
إن محاولة واشنطن ولندن تجاوز صلاحيات مجلس الأمن ليس موجهاً فقط ضد الحكومة السورية بل هو عدوان صريح على سيادة الدول التي تملك حق الفيتو وخاصة روسيا الاتحادية والصين ولذلك من الخطأ الجسيم أن تقبل به الدول الأعضاء في المنظمة لما يشكله من خطر على استمرارها وتالياً على الأمن والسلم الدوليين.
مع الأسف لم تقبل عدد من الدول الغربية وفي مقدمتها بريطانيا والولايات المتحدة أن مرحلة القطب الواحد انتهت وان الهيمنة الاميركية على اجهزة الامم المتحدة في العقد الاول من القرن الجاري باتت من الماضي وهو ما يفسره رفضها مشاركة الدول الاخرى في تحديد مسار بعض الاحداث الدولية وبحثها المستمر عن طرق وأساليب اقل ما يقال عنها انها اعتباطية وانتهازية وعدوانية.
إن مهمة إصلاح الخلل الذي زرعته كلّ من واشنطن ولندن في جسد «الكيميائية الدولية» لا يقتصر على روسيا والصين بل على جميع الدول المنضوية تحت نظامها لأنه في حال نجاح الجهود البريطانية الأميركية في ضرب مصداقية وعمل هذه المنظمة فإن السبحة عندها ستكر ولن يكون أي جهاز من اجهزة الامم المتحدة بمنأى عن الاستهداف الغربي الأميركي لدوره.
ستكون منظمة الأسلحة الكيميائية في شهر تشرين الثاني القادم أمام اختبار كبير وينتظر من المؤتمر الدوري لدول أعضائها المزمع عقده في هذا الشهر أن يحافظ على طبيعة المنظمة العلمية وعدم ادخالها في دهاليز السياسة الدولية وأي خيار آخر سيشكل خطراً كبيراً على دورها وربما يؤدي إلى انهيارها.
لقد كشفت الحرب الإرهابية على سورية جوانب كثيرة من حالات استغلال الدول الغربية لأجهزة الأمم المتحدة ولكن أن تصل الأمور بواشنطن ولندن إلى نسف نظام عمل الكيميائية الدولية لتمرير اتهامات وتقارير كاذبة وملفقة بحق الحكومة السورية ففي ذلك انحدار كبير لرؤية الولايات المتحدة وبريطانيا لمستقبل العالم.
أحمد ضوا / صحيفة الثورة