عادت
القدس المحتلة مجدداً إلى صدارة الأخبار بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب وبكل صلافة أن إدارته أزاحت
القدس عن طاولة المفاوضات بوصفها الجزء الأكثر تعقيداً والذي يقف حجر عثرة أمام الإعلان عن «صفقة القرن» التي هندسها
ترامب والكيان الإسرائيلي وحلفاؤهما في المنطقة لتصفية القضية الفلسطينية.
إعلان
ترامب حول
القدس المحتلة يعني أنه سيتم قريباً الإعلان عن «صفقة القرن» بعد طول أخذ ورد حول بنودها التي يكمن الشيطان في تفاصيلها وما يقال عن تأجيلها، وكما هو الحال في الصفقات الأخرى، سيكون الفلسطينيون أمام خيارين لا ثالث لهما, فإما أن يقبلوا بهذه الصفقة فيتخلوا عن
القدس الشرقية لـ«إسرائيل» مقابل أن تنسحب الأخيرة من بعض القرى الواقعة شرق
القدس وشمالها وخاصة من بلدة أبو ديس لإنشاء عاصمة هزيلة للفلسطينيين وشطب الحقوق الفلسطينية وفي مقدمتها حق العودة للاجئين وتكريس البؤر الاستيطانية وسيطرة الاحتلال على المعابر والأجواء، كل ذلك مقابل الحصول على مليارات الدولارات التي ستستثمر في مشاريع البنى التحتية, وإما أن يرفضوها فتتوقف المساعدات الأمريكية, إذ هدد
ترامب صراحة بوقف المساعدات المالية عن السلطة الفلسطينية بزعم «أن الفلسطينيين لا يريدون الحديث عن السلام»، وذلك بعد ساعات من تهديد مماثل بقطع الدعم عن «أونروا» التي كانت شاهدة على تحويل أبناء الشعب الفلسطيني إلى لاجئين.
وعلى وقع رفض الفلسطينيين الخوض في الصفقة جملة وتفصيلاً بوصفها مؤامرة لتصفية القضية الفلسطينية خدمة لمصالح الاحتلال, يبدو أن
ترامب ماضِ في رفع سقف التهديدات وخرق القوانين والأعراف الدولية كرمى لحليفه الإسرائيلي, فبعد إخراج
ترامب القدس خارج طاولة المفاوضات, بات الهدف الإسرائيلي التالي هو «شطب» حق العودة, خاصة أن الإعلام الإسرائيلي ذكر غير مرة أن الخطوة التالية ستكون إزالة حق العودة من قائمة قضايا ما يسمى «الوضع النهائي» التي يتعين حلها، وعليه تكون واشنطن قد أسقطت كل حقوق الفلسطينيين سواء تلك التي تتعلق بالأرض والمقدسات أو الحقوق الشخصية، أو تلك التي وردت في القوانين الدولية و القرارات الأممية.
وعليه فإن القضية الفلسطينية تحتاج اليوم أكثر ممّا يحدث من ردود فعلٍ شعبية وسياسية على قرارات
ترامب بشأن
القدس المحتلة، وأكثر من حراك شعبي في
القدس والضفّة الغربية وغزّة، إنها تحتاج إلى انتفاضة شعبية فلسطينية شاملة تضع حداً لما حصل في ربع القرن الماضي من تحريف لمسار النضال الفلسطيني وذلك انطلاقاً من أن ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
بقلم:
صفاء إسماعيل / صحيفة تشرين