يذكر نجدة انزور بأن الوالد شجعه منذ البداية (1972) عندما صنع فيلما دعائيا لمنتج كولونيا، وواصل الأخذ بيده على «مدارج الفن» حتى ارتفع رصيده الفني إلى «نحو ألف فيلم إعلاني بين سورية ودول عربية عديدة, إضافة إلى الفيديو كليب»، ليكون بذلك، أول من أدخل الفيديو كليب إلى العالم العرب، وكان لوالده المخرج السوري السينمائي الأول إسماعيل أنزور الاثر الكبير في توجهيه نحو الإبداع التلفزيوني.
ربما كانت هذه الأعمال المبكرة هي المدرسة الحقيقية التي شكلت الشخصية الفنية للمخرج السوري الكبير نجدة أنزور، الذي حرص دائما على تحصيل خلفية ثقافية تعضد مساره الفني، دون أن يفوته الانخراط في عضوية العديد من النوادي السينمائية بعدد من البلدان. وهي كلها عناصر عمقت التكوين الفني لنجدة أنزور، الذي اتجه إلى إخراج أول فيلم تلفزيوني له «نزهة على الرمال» سنة1987، ليخرج بعده، بسنة واحدة، أول فيلم سينمائي ،(حكاية شرقية) الفيلم الذي شارك، بشهادة مخرجه، في 23 مهرجانا دوليا وعربيا، وحصل على العديد من الجوائز والشهادات التقديرية، وقد زار نجدت انزور الكثير من الدول الاجنبية ، مما عمق، في رأيه، خبرته الفنية وانفتاحه على ‘‘آفاق جديدة من التقنية والتطوير‘‘.
ويذكر المخرج، دائما في حواره ، أن الواقع العربي جعل التلفزيون هو «الأهم والأكثر انتشارا ورواجا ماديا ومعنويا، حيث يكون القرب الأكبر من الجمهور»، وهو الواقع الذي دفعه إلى «تحقيق شرط أساسي واحد، ألا وهو السعي نحو تغيير الشكل التقليدي الكلاسيكي للتلفزيون، الذي ينهج نهج الدراما المصرية، والذي هو بعبارة أدق: وليد الإذاعة». وقد تحقق لنجدة أنزور هذا التغيير في عالم الدراما السورية المنطلق بقوة، ومن خلال دراما «نهاية رجل شجاع» التي يجدها قد «قلبت كل الموازين الكلاسيكية للعمل الدرامي والتلفزيوني العربي»، كما أنها شجعت، في رأيه، الآخرين على كسر التقليد في الاخراج التلفزيوني .
أشتهر بأعماله الكثيرة المميزة بعد مسلسل نهاية رجل شجاع . يعتبر والده إسماعيل أنزور أول مخرج سوري إخراج فيلم سوري صامت (تحت سماء دمشق) عام 1931.
عمل نجدة انزور على تطوير العمل الاخراجي واحترم عقل وعين المشاهد في اعمالة الراقية وقدم في مسلسلاته رؤى بصرية جعلته من المخرجين السوريين الكبار، في سنة 2001 تم اختياره كعضو لجنة تحكيم مهرجان التلفزيون في مونتي كارلو.
يشكل المخرج العربي السوري نجدة إسماعيل أنزور ظاهرة فنية لافتة للانتباه، فقد تمكن، بفضل موهبته ومثابرته، الارتقاء بمستوى الدراما السورية والعربية، وبحق يعتبر من افضل المخرجين العرب.
لم تكن تجربة المخرج نجدة إسماعيل أنزور، على امتداد العقدين الذين قطعتهما خبط عشواء، ولكنه كان يضع قدميه، بنوع من التصميم، فوق أرض صلبة، لم يستفد فقط من المعطيات الحضارية والوراثية لبلده وأسرته، ولكنها اندمجت برغبة ملحة في تجاوز المألوف والكلاسيكي إلى التجديد الذي لا يمكن ولوج بوابته إلا بالصبر والجدية والعمل الدؤوب، واعمال نجدة انزور تنطق بكل قوة بلغة بصرية رائعة لتصل بالمستوى الرفيع بالاعمال والمسلسلات السورية التي اخرجها إلى مستوى متقدم برؤية اخراجية عالمية.