فقال عنه المؤرّخ الدمشقي أكرم العلبي: "يضاهي سوق "الحميدية" بجماله وتألّقه سوق "الموسكي" الشهير في القاهرة"، حيث تُباع فيه كافة أنواع البضائع من كل صنف ولون، وأهمّها الصناعات التراثية، مثل: المصنوعات النحاسية، والأرابيسك، والمصدفات، والأقمشة بكافة أنواعها الحريرية والقطنية، والمطرزات التي تنعش القلب.
وسوق الحميدية هو مدينة صناعية تجارية كاملة ، تعيش داخل مدينة دمشق القديمة، وهو معمل دائم للحرف والأعمال اليدوية العريقة.
حمل السوق اسمه منذ بنائه، وقد تضاربت الآراء حول سبب التسمية: الرواية الأولى تقول إن سبب تسميته بـ"سوق الحميدية"، هو لوجود "الخانقاه" أو "المدرسة الأحمدية" فيه، وهي المدرسة التي كانت موجودة في موقع جامع الحميدية اليوم، وقد اعتمدت هذه الرواية على أن اسم "العصرونية" و"الخضيرية" و"الشركسية " و"الدلامية" وغيرها على تلك الأحياء من دمشق، بسبب وقوع تلك المدارس فيها.
أما الرواية الثانية، وهي الرواية الأكثر انتشاراً، فتعتمد على أن أصل التسمية هو نسبة للسلطانين اللذين بنياه، اذ إن سوق الحميدية في دمشق بني على مرحلتين، المرحلة الأولى كانت في عام 1780 في عهد السلطان عبد الحميد الأول، وفي هذا المرحلة امتدت السوق بين باب النصر الذي يقع في مدخلها الحالي وبين مدخل سوق العصرونية، وقد سميَّ هذا الجزء من السوق حينئذ بالسوق الجديدة، لأنها كانت قد شُيدت مكان سوق شعبي قديم كان يسمى بسوق الأروام.
أما المرحلة الثانية من البناء فقد تمت في عام 1884 وذلك في عهد السلطان عبد الحميد الثاني وكانت محاولة جادة وهامة لتوسيع السوق الجديدة، وفيها زاد امتداد السوق مسافة طويلة من نهاية السوق الأول أي من باب العصرونية وحتى نهاية السوق الحالي أي حتى نهاية باب البريد. وقد كان السوق مسقوفاً بالخشب، وبقي كذلك حتى عهد الوالي حسين ناظم باشا. حينها تم استبدال السقف الخشبي بسقف من التوتياء والحديد وذلك لحمايته من الحريق. لذا فقد أصبح سقفه كله عبارة عن حديد مملوء بالثقوب الصغيرة التي تنفذ منها أشعة الشمس أثناء النهار، وبُلِّطت أرضيته بالحجر البازلتي الأسود، وقد جُددت محال هذا السوق قليلا في سنة 1988، وعلقت في سقفه أشكال تشبه الثريات. وذلك بعد أن زاد الاهتمام العالمي به.
أما في عام 2000، فقد تم الكشف عن الأعمدة الأثرية البازلتية القديمة إلى خارج المحال، لأهميتها الأثرية.
يزيد طول هذا السوق على 600 متر وعرضه أكثر من خمسة عشر متراً، وقد حمل سقفه الحديدة على حوامل نصف دائرية معدنية ضخمة، ويقدر أعلى ارتفاع في القوس المعدني في سطحه بعشرة أمتار، تمتد على جانبي السوق مئات المحلات التجارية التي تعرض لك كل ما يمكن أن تحلم به، ففيه ستجد الملابس التقليدية والشرقية، وستجد أفضل أنواع السجاد الفاخر، وأجمل التحف النحاسية وتحف القيشاني والبورسلان، وستجد أيضا الأحذية والجزادين الجلدية الفاخرة...
كذلك فإنّ أكثر من عشرة أسواق هامة تتفرع من هذا السوق، فمنه يتفرع سوق العصرونية وسوق المناخلية وسوق العروس وسوق مدحت باشا الشهير وسوق البازورية وباب الجابي.
وربما لم يعرف التاريخ سوقاً تحاوطه العراقة مثل سوق الحميدية، فهو يبدأ من قلعة دمشق، ومن تمثال صلاح الدين الأيوبي الواقف على يمين السوق، وفي منتصفه يساراً، تقابلك المدرسة الظاهرية، وهي أهم منابع المعرفة في الشرق، وفي نهايته ستصل الى الجامع الأموي الشهير، والذي هو أهم ثالث جامع إسلامي، والى أعمدة رخامية عالية برؤوس وتيجان مذهلة.