استقبال سلطنة عمان لرئيس حكومة الاحتلال تطبيع مرفوض ومُدان، مهما كانت الذرائع والتبريرات، و»إسرائيل» الرابح الوحيد من حفلة التطبيع الجارية خليجياً من الرياضة والثقافة والأمن والسياسة على مساحة دول الخليج. وهذه حقائق ثابتة، لكن السؤال في السياسة هو عن مغزى وأهداف هذه الزيارة، هل هي تمهيد لعمل عسكري ضد إيران كما يعتقد البعض، أم هي تمهيد لزيارة مشابهة لنتنياهو إلى السعودية، أم هي مجرد ثمرة نضجت في العلاقة مع عمان وأراد نتنياهو قطافها في لحظة تداعي لصورة السعودية التي قدّمها كحليف يُعتمد عليه، أم هي بعض من كل هذا؟
– الأكيد أن الزمن ليس زمن التفكير الأميركي الإسرائيلي بالحرب على إيران، في ظل الاعتلال السعودي. فالسعودية هي الدولة المركزية في الخليج وفي النظام العربي الرسمي ومن دون استعادتها العافية لا تبدو قريبة القدرة على اللعب بأوراق استراتيجية ومصيرية في الخليج، عدا عن أن منطق الأشياء يفرض عندما يكون الهدف أمنياً وعسكرياً إحاطته بالسرية بدلاً من الطابع الاستعراضي للزيارة التي شارك فيها كبار مسؤولي المخابرات في كيان الاحتلال.
– الأكيد أن ال
تطبيع تراكم ثقافي ونفسي وكل خطوة فيه هي مكسب إسرائيلي، لكن الخطوة النوعية التي تتركز عليها الجهود الأميركية والإسرائيلية هي ال
تطبيع والتحالف بين «إسرائيل» والسعودية. وهو أمر تزداد العقبات في طريقه العلني رغم حجم المسافات التي قطعها التعاون السري ونصف العلني. وبعد المأزق السعودي الجديد والمتفاقم لا تبدو السعودية في وضع يتيح لها خطوة بحجم ما تحتاج «إسرائيل»، والحديث عن صفقة القرن بما تستدعيه من شريك فلسطيني وازن يقبل بالتخلي عن القدس تبدو أبعد فأبعد.
– الأمر بالنسبة لعُمان لا يبدو صعباً لكونها كانت قد قامت بخطوات سابقة على هذا الطريق، كما كانت قطر وزيارة إسحق رابين عام 1994 لمسقط وبعده زيارة شمعون بيريز عام 1996 تقولان الكثير، ويظن البعض أن اعتدال مسقط في قضايا النزاعات الإقليمية ناجم عن درجة أعلى من سائر دول الخليج من الالتزام برفض التطبيع، فعُمان كما قطر ترغبان بالوقوف على خط النهاية الأميركي وهو خط التسويات، بدلاً من الوقوف على خط البداية وهو خط الاشتباك، وعندما خسرت قطر بقيادتها لمرحلة الربيع العربي هذا الدور ولعبت برصيدها لدور أكبر تعززت فرص عُمان باحتلال مقعدها في استضافة التسويات، لكن دائماً هناك دفتر شروط أميركي لمنح هذا الدور، وهو دفتر شروط يتضمن جائزة تنالها «إسرائيل».
– إسرائيل في مأزق استراتيجي حيث العجز عن الحرب والعجز عن التسويات، وحيث الرهان على إنهاء القضية الفلسطينية بالتشارك مع السعودية تحت عنوان حلف مشترك بوجه إيران يصير أشد صعوبة، والتموضع على خط احتياطي لمرحلة ما بعد اكتمال التطورات السعودية التي لا تزال في بداياتها، ضرورة إسرائيلية تشكل مسقط نافذتها ويشكل الغموض حاجة فيها للعودة إلى مربع التفاوض القديم عند سقوط الفرصة السعودية، لكن هذا ليس هو الراهن، بل مجرد توظيف لجائزة عُمانية تمنح لـ«إسرائيل» لقاء طلب أميركي، مقابل منح مسقط الضوء الأخضر لرعاية التفاوض الأميركي الإيراني في ضوء الفشل المسبق المتوقع للعقوبات، وفي ضوء المتغيرات السعودية، وضوء أخضر آخر لمسقط لقيادة تفاوض يفتح طريق التسويات في اليمن في ظل الراهن السعودي.
– تبقى «إسرائيل» الرابح الأول حتى لو لم تمتلك خطة لتوظيف هذا الربح، عندما لا تكون فلسطين أولوية عربية، وعندما تسقط حسابات المصلحة العربية من جدول أعمال الحكام والحكومات.
ناصر قنديل