تَغرق أميركا في بحر صراعاتها الداخلية؟ أم تغرق في محيطات الصراعات الخارجية؟ أم بالاثنين معاً، فيكون واقعياً ربما تحذير باراك أوباما من أنها باتت تواجه التهديد الوجودي.
في ظل إدارة لا تتورع عن الكذب واللعب على مَخاوف الناس التي تَخترعها وتَقودها، وليترتب على دونالد ترامب أن يرد على اتهامات سلفه، فضلاً عن الاتّهامات الواسعة له بالعنصرية وبتبني خطابات وسياسات مُدمرة، دفعت وسائل الإعلام الأميركية إلى مُقاطعتها تعبيراً عن الضيق وربما الاشمئزاز منها!.
مَحطات التلفزة الأميركية التي قاطعت المؤتمر الصحفي لوزيري الخزانة والخارجية بخصوص الحزمة الثانية من العقوبات الأحادية ضد إيران، والتي تضغط بنمط جديد في تغطيتها لسياسات البيت الأبيض، بدأت تُشعر ترامب بالعُزلة، وهو ما دفعه للتراجع خطوة: «كنت أود التحدث بلهجة أقل حدة في أول عامين لي بالسلطة»، وراحت تُظهّر في الوقت ذاته حقيقة أن الولايات المتحدة صارت مُحاصرة فعلياً بالخطر الذي تُنتجه ممارسات ترامب.
وزير الخارجية الروسي أعلنها على الملأ: «ال
صراعات الأميركية الداخلية تُسمم علاقة واشنطن وموسكو»، وبناء عليه يمكن الجزم بأن صراعاتها الخارجية تُسمم العلاقات الدولية أيضاً، ذلك أن عدم تأييد الغرب فكرة موسكو بتشكيل جبهة دولية واسعة لمحاربة الإرهاب، والتحاقه بمشروع الاستثمار الأميركي بالإرهاب لا يمكن فهمه إلا في سياق الفجور الذي تبدو مُجرياته مُتجسدة بجلسات مجلس الأمن الذي تَشن حكومات الغرب من داخله حملات افتراء وتضليل ضد سورية وروسيا وإيران، بينما يَتأكد تَورط هذه الحكومات وانخراطها المباشر بتزويد التنظيمات الإرهابية سلاحاً كيماوياً حرّضتها على استخدامه، وحاولت الذهاب بعيداً بوهم البناء على الكذب والفبركة!.
هستيريا انتخابات الكونغرس النصفية تُساهم في هذه الأثناء بتعرية
أميركا داخلياً، وخارجياً، وتُسهم بكشف الوجه القبيح لها نظاماً، وسياسات امبريالية قذرة، وربما ما يَزيد في إظهار قُبحها هو أنها تُغرق نفسها بمزيد من التناقضات في منبج، في التنف، بالعراق، بالخليج، مع الصين، مع تركيا، مع أوروبا، ودائماً مع روسيا، رغم ما تَعرفه من حقيقة أنها ترزح اليوم تحت ثقل الهزائم التي تُمنى بها مشاريعها العدوانية، وتنوء تحت أعباء الديون والتعثر الاقتصادي التي ستُفاقمها حرب ترامب التجارية الحمقاء المُعلنة!.
من جانبنا في سورية كمُكوّن أساسي في جبهة المُقاومة ضد سياسات الاحتلال والبلطجة والعدوان الصهيوأميركية، إذا كنّا لا نُظهر ارتياحنا للنتيجة الناجزة بسقوط قوى العدوان ومنظومة حلفه في شرور ما نَسجته، فذلك لأننا ندرك أهمية ما قُمنا به وأدى للماثل من نتائج، لم ولن نكتفي بها، ولننتهي بالقول لقوى العدوان ولكل من لا يروق له حديثنا: تذكروا أنّ في مثل هذه الأيام من 2016 كانت حلب تلفظ قوى الإرهاب وتتحرر، وفي مثلها من 2017 كانت دير الزور والبوكمال تقوم بذات فعل الكرامة الوطنية .. تذكروا دائماً، ولا تنسوا أن لا مكان لكم هنا.