مع وصول بايدن إلى البيت الأبيض .. هل تتغير السياسة الأمريكية اتجاه سورية؟

الخميس 17 ديسمبر 2020 - 10:18 بتوقيت غرينتش
مع وصول بايدن إلى البيت الأبيض .. هل تتغير السياسة الأمريكية اتجاه سورية؟

كثيراً ما تخرج التحليلات السياسية على المستويين الإقليمي والدولي للمقارنة بين الزعماء الأمريكيين، وأيهم أفضل للمنطقة العربية برمتها؟ وهذا ما بدا جلياً خلال الفترة الماضية مع احتدام الصراع للوصول إلى البيت الأبيض، بين الرئيس دونالد ترامب ومنافسه جو بايدن خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ومن خلفهم الصراع المتجدد بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي داخل الولايات المتحدة ، وفي هذا السياق كثرت المقارنات والتكهنات بشأن مستقبل السياسة الأمريكية على منطقة الشرق الأوسط من جهة وعلى العالم من جهة ثانية.

بعيداً عن النظرة التفصيلية للأشخاص واختلافهم الطفيف بطريقة التفكير وتحقيق الأهداف المرسومة، فإن الولايات المتحدة الامريكية غالباً ما كانت تعتمد على سياسات عامة محددة وواضحة، تنتهجها من القضايا الدولية وتسعى دائماً نحو تحقيقها، وخصوصاً فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، التي تعتبر ميداناً معقداً للصراع الدولي، والتنافس بين الدول الكبرى من أجل تحقيق مصالحها، ورسم المستقبل السياسي لشعوب المنطقة، وفق منظور الدول الغربية عامةً، والولايات المتحدة خاصةً.

 

وبالحديث عن شن الحروب مثلاً لم تتغير السياسة الأمريكية بتغير الشخصيات، فلم يختلف جورج بوش الابن عن أوباما، وصولاً إلى دونالد ترامب، بل تغير الهدف المعلن للتغطية على تلك الحروب، وإن بقي شعار "تحقيق الديمقراطية للشعوب" هو الغطاء الذي يلبسه معظم الزعماء الأمريكيين، ولن يكون الرئيس المُنتخب استثناءً، حيث كشف بايدن في إحدى المقابلات التلفزيونية قبيل فوزه، بأنه يسعى لخوض حرب جديدة في سورية، رداً على كلام ترامب حول خفض عديد القوات الأمريكية في الشمال السوري.

 

وأيضاً إذا تم النظر إلى طريقة تعامل الزعماء الأمريكيين مع منطقة الخليج العربي على سبيل المثال، لوجدنا أنهم يتبعون ذات السياسة والأسلوب بعيد عن الحزب الذي يمثلونه، حيث تعتبر السياسة الأمريكية منطقة الخليج حديقتها الخلفية وخزانها المالي الاستراتيجي، فكلما أرادوا أخذوا من هذا الخزان، ودون أي مقابل، حتى وصل الأمر بدونالد ترامب إلى الطلب علانية من دول الخليج دفع الأموال لأمريكا مقابل وقوف واشنطن إلى جانب الرياض سياسياً.

 

تلك الأمثلة تؤكد حقيقة عدم تغير السياسة الأمريكية الخارجية وخصوصاً المتعلقة بالشرق الأوسط بالأشخاص، فهي مبنية على أسس واضحة وأهداف محددة، ولا يتعدى دور الزعماء الأمريكيين على تسهيل الوصول لتلك الأهداف.

 

لكن وبرغم ذلك تمتع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بصفة لم يسبقه إليها أحد من الرؤساء الأمريكيين وهي "الشفافية" في طرح الأمور، حيث كشف بتصريحاته المتلاحقة خلال فترة حكمه عن حقيقة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، بعيداً عن التجميل والأقنعة التي لطالما لبسها الزعماء الأمريكيين.

 

الرئيس السوري بشار الأسد قال ضمن هذا السياق  عن ترامب: "ترامب هو أفضل رئيس أمريكي، ليس لأن سياساته جيدة، ولكن لأنه الرئيس الأكثر شفافية. كل الرؤساء الأمريكيين يرتكبون كل الموبقات السياسية وكل الجرائم، ويأخذون جائزة نوبل بينما ترامب يتحدث بكل شفافية. يقول نحن نريد النفط. هذه حقيقة السياسة الأمريكية -على الأقل ما بعد الحرب العالمية الثانية.. نحن نريد أن نتخلص من فلان.. نحن نريد أن نقدم خدمة مقابل مال.. هذه هي حقيقة السياسة الأمريكية".

 

 

وإذا ما تم إسقاط كلام الرئيس الأسد على الواقع ، وخاصة ما يتعلق بالشأن السوري، وتحديدا مسألة التواجد العسكري الأمريكي في مناطق الجزيرة، شمال شرق سورية، فإن الرئيس أوباما ألبسه غطاء "حماية المدنيين"، بينما جاء ترامب بكل شفافية ليقول:"أنا أحب النفط، نحن نتواجد في سورية لحماية حقول النفط السورية"، وبالتالي إن الوجود الأمريكي في سورية ليس لحماية شعبها أو نشر الديمقراطية فيها، وإنما لسبب نهب ثرواتها وخيراتها والسيطرة على قرارها السيادي المستقل، وهو ما سيستمر به الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، الذي ورغم عدم تنصيبه بعد، خرج ليؤكد بقاء القوات الأمريكية على الأرض السورية، واتباعه طرق جديدة لحل الأزمة فيها، والأكيد أنها لن تكون لخدمة شعبها.

 

ختاماً، النظرة الأمريكية لن تختلف إلى قضايا الشرق الأوسط عموماً وإلى التواجد الأمريكي في سورية خصوصاً، ربما يختلف سلم الأولويات بين رئيس أمريكي وأخر وطريقة الطرح لتحقيق الأهداف المحددة، ولكن السياسات القائمة على السيطرة على كلمة الشعوب ومصادرة قرارها وسرقة خيراتها لن تتغير.

جميع الحقوق محفوظة لقناة العالم سورية 2019