تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مؤخراً نكتة مفادها: «الجيش الأمريكي يتعهد بحماية مرمى المنتخب السعودي في المباراة القادمة» هذه النكتة تحتمل ما هو أكبر من تعريفها (الأبيض في الأسود)، حيث العلاقة السعو- أمريكية لم تترك مجالاً لأي تعاطف أبيض في الشارع العربي، يخص المشيخة السعودية، التي لم تشكّل دولة لها الدور الوظيفي إلا بما يخدم المصالح الصهيو- أمريكية.. وما نكتة العالم الافتراضي إلا حقيقة اجتهد نظام بني سعود لتحقيقها، ليشكّلوا منطقة عمالة مؤتمنة الجانب من مشغليهم ومستثمري مواردهم وأموالهم ومواقفهم، التي ما بخلوا في تقديمها عربون (إبراء ذمة)، تخلّلها إمضاء العديد من صكوك العمالة التي لن تكون آخرها الحرب على اليمن، حيث حدقة المشاهد العربي اتّسعت لما هو فوق طاقة تحمّل «القرنية والشبكية» العربية، لتلتقط صوراً من قبيل ما صنعه الحداد السعودي في اليمن وسورية وفلسطين، صوراً مدجّجة بمشاهد توثيقية تؤكد أن وراء كل دمار وخراب حلّ بهذه الدول أيدي سعودية.
وما (الربيع العربي) سوى ثقافة تناسب الحاضنة الاستراتيجية
السعودية بنظامها الوهابي التكفيري ذي الصناعة الأمريكية، وما قرار بقاء أو زوال تلك الممالك إلا متصل بقرار أمريكي مسببات ديمومته أو هلاكه مرتبطة بقدرتهم على الخنوع والتطويع، لما يحقق المصلحة الأمريكية الأولى بالاستيلاء على النفط الخليجي بصفقات متعددة، منها صفقات الأسلحة التي لابدّ من وجود
السعودية فيها لتقوم بـ«خلق المشكلات» واستجرار الحروب.
ثماني سنوات حرب على سورية، وما يفوق الـ 1300 يوم مجموع أيام الحرب العدوانية الخليجية على اليمن «عاصفة الحزم» حوّلت الدولة الشقيقة إلى بلد منكوب، يحقّق مشروع الدولة الوهابية بتدمير وتقسيم اليمن، وتقديم «إنجازات» من قتل الأبرياء وتدمير المنشآت والبنى التحتية، حتى صار أكثر من 8 ملايين يمني على شفا المجاعة، حسب التقارير الأممية.
حرب على اليمن قدّم فيها نظام بني سعود الرشاوى الطائلة لشراء المرتزقة عوضاً عن الجيش الذي لا تمتلكه المشيخة. أما سورية، التي أفشلت المشروع الغربي- الوهابي، فقد عمل نظام بني سعود منذ بداية الحرب عليها على عسكرة الحراك فيها، وتسييد العمل المسلح مدفوع الثمن خليجياً بتكتيكات إرهابية، ارتضى فيها نظام بني سعود الارتهان للأجندات الغربية التي كانت تأمل «بتدمير» الدولة السورية.
وفي جردة بسيطة للمواقف القريبة من العلاقة السعودية- الفلسطينية نجد أن خطاب ملكها قبل أعوام أكبر دليل على طبيعتها، إذ قال فيه: «فلسطين ليست أولوية»، وكل ما بعد هذا الخطاب وما قبله تشير فيه الأدلة إلى ضلوع المملكة ومؤسساتها السياسية والاستخباراتية والدينية في مساندة الكيان الصهيوني العدو الأول للعرب عامة، والشعب الفلسطيني خاصة، فكيف سيكون اليوم تهويد القدس والأماكن الدينية الإسلامية شأناً يخص المشيخة السعودية؟
هكذا تكون القراءة المشهدية (الحقّ) لعين الشارع العربي الذي يناظر المملكة السعودية، والذي يسخر متهكّماً افتراضياً كيف لم تتمكن الولايات المتحدة الأمريكية من تحقيق الفوز الرياضي لمصلحة الشِبَاك السعودية!. الشِبَاك التي ما تكاسلت يوماً عن نصبها لصيد وشراء ورشوة كل الذمم لتحقيق مصالحها!
أين هي
أمريكا من عارضة المرمى السعودي، وكيف لم تستطع إقحام أصحاب (الخوذ البيضاء) دفاعاً عن شباكها، أو استحضار مشاغب تكفيري من بين الجمهور لخلق الفوضى الكروية؟
لأنها، ومهما تفاخرت «بمشروعاتها الحوارية» على المستوى الدولي والإسلامي، وما تتجمّل به من «حواريات تخص التسامح بين الحضارات والأديان»، لم ولن يكتب لها النجاح مادامت معروفة المدرسة والمنهجية العقدية والفقهية التي تتبع، فأي أخلاق رياضية يمكن أن تجمّل فساد سياسة المشيخة السعودية؟!
محمد البيرق / تشرين