واستشهدت وكالة "والا" الإسرائيلية صباح أمس الأربعاء بأن مسؤولاً أميركياً رفيع المستوى ذكر أن "إسرائيل" وجدت نفسها بين خيارين: إما تفجيرها بيد من يستعملها يوم الثلاثاء أو أنها ستكتشف قبل استعمالها وتفقد دورها"، وأضاف المسؤول الأميركي: إن "وزير الدفاع "الإسرائيلي" يوآف غالانت اتصل قبل دقائق من تنفيذ العملية بنظيره الأميركي وأبلغه أن "إسرائيل" سوف تنفذ عملية في لبنان قريباً من دون إعطاء تفاصيل"، ويقول الصحفي "الإسرائيلي" باراك رافيد إن "إسرائيل" قررت أول أمس الثلاثاء تفجير أجهزة اتصال البيجر بيد كل من يستخدمها لأن حزب اللـه اقترب من اكتشاف ضمان الأمان فيها لإبطال مفعولها، وأكد ثلاثة مسؤولين أميركيين هذه المعلومة"، وأضاف رابيد: إن أحد قادة أجهزة المخابرات "الإسرائيلية" سابقا ذكر له أن المخطط المعد من تفخيخ أجهزة البيجر كان القيام بتفجيرها عند بدء الضربة العسكرية الشاملة "الإسرائيلية" المفاجئة على لبنان باستهداف كل من يعتمد عليه الحزب من كوادر في صد هذه الحرب، وقد كان من اللافت أن يجتمع في يوم الإثنين قبل يوم من تفجير أجهزة البيجر مجلس الحرب المصغر الذي يضم كل قادة أجهزة المخابرات لاتخاذ القرار وكان المبعوث الأميركي للرئيس جو بايدين "عاموس هوكشتاين" في اليوم نفسه يقوم بزيارة إلى "إسرائيل" في مهمة حول لبنان بالذات ومسألة التوتر المتزايد على الجبهة الشمالية "الإسرائيلية"، وهوكشتاين كان ضابطاً سابقاً في الجيش "الإسرائيلي" وأقام فيها قبل عودته للولايات المتحدة التي يحمل جنسيتها، ومع ذلك لا بد أن تكون واشنطن على علمت بما أعدته "إسرائيل" في موضوع البيجر منذ وقت طويل لأن تفجيره كان معدا لتوقيت إشعال فتيل الحرب الشاملة ضد حزب اللـه وإرباك قدراته على جبهة "إسرائيل" الشمالية كما أنه لا بد لواشنطن أن تدرك أن تفجير البيجر في هذا التوقيت من دون بدء "إسرائيل" بحرب شاملة يعني إخفاق أهم عنصر في مخطط الحرب الشاملة وفقدانها لأهم ورقة قوة في شن هذه الحرب على لبنان، ويتساءل المحلل العسكري في موقع "والا" "الإسرائيلي" نير كيبنيس ساخراً ومقللاً من قيمة هذه العملية: "ما الذي حققته هذه العملية "الجيمس بوندية" في الحرب ضد حزب الله"؟
ويرى أنها "تشبه فيلماً من أفلام جيمس بوند الأميركية للإثارة لكن إستراتيجية إخراجها لا تناسب إلا الفيلم "الإسرائيلي" "تلة حالفون" الكوميدي الذي يسخر من جنود الجيش "الإسرائيلي" وبخاصة جنود الاحتياط، فلم تحقق "إسرائيل" من هذه العملية شيئاً سوى أنها أربكت بيروت وألحقت ضرراً معنوياً لحزب الله، ولم تتجاوز قيمة هذه العملية صوت صفير في الظلام".
لا شك أن الكيان "الإسرائيلي" فقد بعد اللجوء إلى تفجيرات البيجر بشكل معزول عن الحرب الشاملة على لبنان، أهم عنصر كان يعتمد عليه في الاستعدادات التي وضعها لحربه الشاملة ليتحول الآن إلى البحث عن بدائل أخرى لن يكون بمقدوره إعدادها بالسرعة المطلوبة ولن ينجح في توظيفها على حين ما زالت الصواريخ والقوات البشرية المسلحة القتالية لحزب اللـه في أوج الاستعدادات نحو تنفيذ الخطط المعدة، وسوف يكون من السهل على الحزب الاعتماد على سلسلة الكوادر القيادية فيه للحلول المؤقت محل كل من أصيب من جهاز البيجر وما زال يتلقى العلاج، ولذلك يسخر كيبنيس من جيشه "الإسرائيلي" ويقول: "لم يستطع الجيش تدمير أنفاق القطاع فوق المقاتلين فزعم أنه انتصر حين فجرها وهي فارغة".
اعتاد الكيان وخاصة حكومة بنيامين نتنياهو، على استخدام ما يشبه أفلام هوليود لشن حروب إعلامية تضليلية في كل اتجاه بما في ذلك نحو "الإسرائيليين" أنفسهم وبخاصة حين يزعم أن قتل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" يحيى السنوار سيؤدي لتحرير الأسرى "الإسرائيليين" وينهي المقاومة في قطاع غزة، وأن ما قام به في لبنان يوم الثلاثاء "سيردع" حزب اللـه عن الرد وعن الاستمرار في المقاومة، وقادة الكيان يعرفون أنهم يكذبون ولكنهم يفعلون ذلك لإطالة وجودهم في الحكومة واغتنام فرصة أو فرص أخرى لن يحلموا بها للتخلص من المقاومة.
المصدر: الوطن