شيئاً فشيئاً يتبدى عجز الإدارة الأميركية في تنفيذ تهديداتها ضد إيران بعد الانسحاب من الاتفاق النووي إفرادياً الأمر الذي انعكس سلباً على التنسيق والتفاعل بين ضفتي الأطلسي.
أولى بوادر العجز الاميركي تجاه إيران تجلت سياسياً داخل أروقة المؤسسات الأميركية التي أظهرت تبايناً واضحاً في كيفية التعامل مع هذه الدولة وضرورة عدم التعويل على الجانب العسكري أو الحلفاء (الأجراء) في إحداث تغيير سريع للواقع السياسي فيها.
وعلى المستوى الأوروبي بدا الاختلاف بين ما تبتغيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وما تفكر به الدول الأوروبية الفاعلة كبيراً، و أولى تجلياته كان الرفض الأوروبي للانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران والتعهد لطهران بالحفاظ على سلة عوائد الاتفاق بين الجانبين ما أثار حفيظة الإدارة الأميركية وانعكس ذلك في رفض الرئيس الأميركي التوقيع على بيان قمة الدول الصناعية الشهر الماضي ومضيه في إجراءاته الاقتصادية المضرة باقتصادات الدول الغربية.
بالأمس تعرت المشكلة الأميركية بالتعامل مع إيران بعد كشف مسؤولين أميركيين عن خطة للبيت الأبيض ترمي إلى تشكيل (ناتو عربي) لمواجهة (التدخلات الايرانية!!) وهذا بحد ذاته يعكس عجزاً للإجراءات الأميركية لعزل إيران سياسياً واقتصادياً ويحمل من جانب آخر خطراً كبيراً على الاستقرار في المنطقة ومحيطها الإقليمي التي تعاني أصلاً من تبعات الاستثمار الأميركي- الغربي في الإرهاب.
إن التوجه الأميركي لخلق كيان طائفي (ناتو عربي) عموده الفقري دول الخليج ومصر والأردن قائم بالأساس على بذرة إسرائيلية قديمة تعاد محاولة زرعها بعد كل فشل للمشاريع الأميركية الصهيونية الأمر الذي يدعو لليقظة والحذر من قبل دولة عربية لها ثقلها (الجيوسياسي) إزاء زجها في مشروع عدواني (غربي صهيوني) مغلف بغطاء عربي ذي أهداف خبيثة وخطيرة تستغل السرطان الطائفي الذي تغذيه إسرائيل والدول الغربية ومبتغى منتهاه تحويل وجهة العدو وإضعاف دول المنطقة لحساب إسرائيل.
من المقرر حسب تصريحات المسؤولين في البيت الأبيض أن (الناتو العربي) ستعلن ولادته خلال قمة تعقد في واشنطن تجمع أطرافه في 12 و13 تشرين الثاني القادم باسم (تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي) للتعميه على مراميه وسيكون ذلك مترافقاً مع حملة دعائية تصل ذروتها في هذا التاريخ ومحورها الأساس إيران وذيولها تصل إلى كل الدول التي تنهج سياسة استقلالية وتعول على التعاون والتفاعل البناء بين دول المنطقة.
ما تسرب عن فحوى (الناتو العربي) وخاصة الرغبة السعودية الإماراتية تحديداً بإنشائه لا تخلو أيضاً من التعمية.. فهذه الدول هي مجرد أدوات تحركها السياسة الأميركية القائمة على الصفقات المحابية لسياسة كيان العدو الإسرائيلي الذي يقف وراء التصعيد الطائفي في المنطقة.
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار الجانب العسكري والأمني (للسرطان الذي تسعى واشنطن توليده وخاصة صفقات السلاح الكبيرة التي ستوردها شركات السلاح الأميركية ليكون هذا المنتج الأميركي الصهيوني فعالاً تتضح مدى المخاطر المترتبة على ذلك وخاصة على الدول التي ستنخرط في هذا الحلف).
من المؤكد أن إيران متابعة ومترقبة لكل المحاولات العدوانية الأميركية وتعي تماماً أن أي حرب يكون مسرحها شطي الخليج ستصب في مصلحة كيان العدو الإسرائيلي والتحدي الإيراني للولايات المتحدة في البحر الأحمر دليل على الرغبة الإيرانية بأن تكون المواجهة مع الولايات المتحدة بالقرب من إسرائيل لأنها الطرف الأساس والمحرك للتوترات في المنطقة بكل أشكالها.
بقلم:
أحمد ضوا / صحيفة الثورة