يستحق الجيش العربي السوري البطل، كما يستحق عيده الأغر، أن يكون مباركاً كعيد وطني وقومي وإسلامي وللإنسانية جمعاء.
هو عيد مبارك لأن هذا الجيش سيدخل بانتصاراته الكبيرة التاريخ الحديث والمعاصر، ليس في سورية والوطن العربي، بل وفي العالم أجمع.
فكما شكّل انتصار الجيش الأحمر بهزيمته للنازية انتصاراً لحرية الشعوب ولإرادتها ولحقوقها وتطلعاتها، فإن انتصار الجيش العربي السوري على المشروع الإرهابي بشقّيه المتطرف والتكفيري، والمدعّم من التحالف الصهيوأطلسي الرجعي العربي، يشكّل انتصاراً لسورية وللأمتين العربية والإسلامية وللبشرية جمعاء.
بل، وبموضوعية وعلمية ورؤية تاريخية محايدة، فإن انتصار جيشنا العقائدي البطل على العصابات الإرهابية المسلّحة في هذا القرن لجم شروراً على المجتمع البشري كانت، لولا هذا الانتصار، أقسى على الإنسان المعاصر من النازية، ولهذا أسباب منها التالي:
< انطلقت النازية في خطرها على الشعوب الأوروبية من إيديولوجيا وضعيّة استمدت منطلقاتها وأهدافها من البشر، بينما انطلق الإرهاب الذي تصدّى له الجيش العربي السوري من إيديولوجيا دينية تأويلية منحرفة عملت على تشويه الإسلام واتخذت التطرف والتكفير سنداً لبنيتها ولأسلوبها ولأهدافها، ليس ضد الشعوب والدول والمجتمعات العربية أو الإسلامية فقط، بل الإنسانية كلها بما فيها من قوميات وأديان. وهذا شر كبير وبلاء عظيم لا شك يفوق خطر النازية.
< كما أن النازية كانت وصارت إيديولوجيا وضعيّة محدودة بزمان ومكان هو أربعينيات القرن الماضي، أما إيديولوجيا الإرهاب الذي يواجهها جيشنا اليوم ليست محدودة لا بزمان ولا مكان، فشعارها المهزوم والمأزوم «باقية وتتمدد».
< إضافة إلى أن إيديولوجيا الإرهاب هذه، بتأويليّتها المنحرفة وبعودتها إلى البغيض والمريض من التراث، تستمد وطأتها ودورها وشرورها من الأعداء الحقيقيين للشعوب العربية والإسلامية وللإنسان وحقوقه وتطلعاته. إنها إيديولوجيا الدمار العام التي ارتبطت بشكل مباشر أو غير مباشر بالصهيونية والوهابية والمحافظين الجدد.
يظهر هذا ويتأكد جليّاً من الجهود الكبرى والحثيثة التي بذلتها الميديا المعادية ومراكز الأبحاث وصنع القرار الصهيونية والغربية والرجعية العربية لشيطنة هذا الجيش الذي حطّم هذه الجهود، واتضح بدون أدنى شك كيف يقدّم بكافة أفراده وفي أربع جهات البلاد أغلى التضحيات لتحرير كل شبر من أرض الوطن من دمار التطرف والتكفير الذي يستهدف أول ما يستهدف حصن العروبة المنيع وقلبها النابض أبداً.
ولا يمكن البحث في كبرياء هذا الجيش وعظمة تضحياته ومنعكسات صموده وانتصاراته في صفحات أو كتاب، فهذا سيستغرق جهوداً وأوقاتاً وكتباً وبرامج ومراكز أبحاث، ولا بد أنه سيحتل المكان البارز الذي يليق به في أدبيات الأجيال القادمة، لأنها تضحيات عصَمت الوطن والأمة والعالم من خطر الإرهاب والدمار والذبح والاغتصاب والتكفير الذي لا يستهدف سورية وحدها، والذي شكّل جيشها في التصدي له وهزيمته العمود الأساسي والحامل الأقوى للانتصار.
في العيد الثالث والسبعين للجيش العربي السوري «1 آب 1945» لا تغيب عن الأذهان القيم العليا للتاريخ النضالي لهذا الجيش العقائدي الذي تشكّلت بداياته من انخراط أبناء الشعب السوري في صفوف «الجيش العربي» للتحرر من نير الاستعمار العثماني، والاستعمار الفرنسي، والاحتلال الصهيوني، ومواجهة الأحلاف المعادية للقضايا الوطنية والعروبية في الخمسينيات، وللتدخل الأجنبي في زج الجيش العربي السوري في مسألة الانقلابات والانفصال… إلخ التي انتهت تماماً مع قيام الحركة التصحيحية المباركة في 16 ت2 1970.
هذا الجيش الذي دافع ويدافع عن عروبة فلسطين، وشارك في صد العدوان الثلاثي على مصر «جول جمال» وفي وقف الحرب الأهلية في لبنان.. كان ولايزال وسيبقى حصن الأمة في مقاومتها مخاطر المشروع الصهيوأطلسي الرجعي العربي المعادي للنهج الوطني والقومي التحرري.
< عقائدية هذا الجيش التي تميّزه عن غيره من الجيوش، والتي جعلته الأقوى إقليمياً ودولياً في هزيمة وحوش العصر، تنطلق من مسائل أساسية معروفة، منها:
– مركزيّة القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني – ومنها أن الروح الوطنية والقومية هي الملهم الرئيسي والموجّه الأساسي له – ومنها الالتزام بعقيدة البعث العربي الاشتراكي ومسيرة ثورته التحررية المستمرة، وقد كان ولايزال لرفاقنا في القوات المسلحة إسهام مشهود في دعم مسيرة الحزب وتعزيز تاريخه النضالي – كما يضاف إليها اليوم التضحية الكبيرة لإلحاق الهزيمة بإرهاب التطرف والتكفير بأهدافه وأدواته – كما ترتبط هذه العقائدية بخبرة الجيش القتالية التي اكتسبها في حرب غير نمطية، عصيّة على التصنيف تتميز لا شك عن الحروب التي خاضها سابقاً، وجعلته الجيش الأقوى عالمياً في هزيمة الرهان على المشروع الإرهابي.
هذا البُعد العقائدي هو الذي حفظ جيشنا الباسل من الانشقاق، والظواهر الفردية – هنا – لا يُقاس عليها لأنها لم تؤثر في وحدة الجيش.. هذه الوحدة التي هي من أهم الردود على من يقول إن الحرب في سورية «أهليّة».
في هذا العيد المبارك نحيي بإكبار وافتخار القائد العام للجيش والقوات المسلّحة الرئيس بشار الأسد ونستذكر باهتمام قول سيادته: «إن الجيش العربي السوري أكد منذ اللحظة الأولى لتأسيسه أنه حصن الأمة المنيع، وحامي حقوقها، والمدافع عن عزتها وكرامتها، ومازال حتى يومنا هذا يثبت أنه أهل للأمانة التي أودعه إياها أبناء الوطن وشرفاء الأمة».
د.
عبد اللطيف عمران / صحيفة البعث