في خطوة تصعيدية لا يستطيع أحد التنبؤ بانعكاساتها على الداخل الأمريكي، تضامنت 350 صحيفة أمريكية لأول مرة في تاريخ أمريكا بنشر مقالات افتتاحية في رد منسق على الحرب التي يشنها الرئيس دونالد
ترامب ضد
وسائل الإعلام التي اتهمها بأنها كاذبة وعدوة الشعب الأمريكي.
ورغم كل محاولات الإدارة الأمريكية التقليل من أهمية الحملة, إلا أن ردة فعل
ترامب الجنونية وكَيله المزيد من الاتهامات للإعلام أعطى من حيث لا يدري زخماً كبيراً للحملة التي تعهدت بالدفاع عن حرية الصحافة وتذكير
ترامب بأن الدستور يحظر صياغة أي قوانين تحدّ من حرية التعبير أو تتعدى على حرية الصحافة. إلا أن
ترامب لا يبدو أنه يعبأ بالدستور وما ينص عليه, بدليل إيغاله في هجومه اللاذع على
وسائل الإعلام لمجرد أن توجه إليه انتقاداً أو لا تؤيد سياساته التي دفعت بأمريكا إلى العزلة على الصعيد الدولي, وشجعت على تنامي العنصرية والمخاطر ضد الصحفيين على الصعيد الداخلي.
بالعودة إلى الوراء, يرى المتتبع أن العلاقة بين البيت الأبيض والإعلام في عهد
ترامب لم تكن يوماً ودية ومتناغمة، إلا أن الإعلام الأمريكي وبشهادة الجميع يعيش اليوم أسوأ حالاته تحت وطأة عنجهية
ترامب الذي يريد الهيمنة على
وسائل الإعلام «للتطبيل والتزمير» لسياساته التي لم تجلب سوى المزيد من الأزمات حول العالم, فمنذ حملته الانتخابية وحتى وصوله إلى البيت الأبيض، لم يتوقف السجال وتراشق الاتهامات بين
ترامب والإعلام الأمريكي في سابقة لم تشهدها الولايات المتحدة على الأقل خلال عهود آخر 3 رؤساء لأمريكا.
وعليه فإن الحرب بين
ترامب والإعلام الأمريكي مستعرة, ويبدو أنها معركة «كسر عظم» وتصيّد أخطاء وهجوم وردّ، فهل يكون الرابح فيها الإعلام في مواجهة رئيس مزاجي يتعثر دائماً في تصريحاته المنقلبة على المتعارف عليه في السياسة وزلاته وهفواته في ظل انخفاض شعبيته بصورة غير مسبوقة. ناهيك عن الاتهامات الموجهة إليه بسبب تصريحاته العنصرية.
والأنكى, أن هذه الانتفاضة الإعلامية تأتي في وقت حرج للغاية, قبل أقلَّ من ثلاثة أشهر من موعد انتخابات منتصف الولاية الرئاسية في أمريكا التي تشهد انقساماً حاداً بين أغلبية شعبية ترفض سياسات ترامب، وبين مؤيديه الذين يتصفون بالعنصرية للعرق الأبيض الأوروبي, وعليه يبقى السؤال: هل بات
ترامب عدواً معلناً للإعلام والأغلبية الأمريكية, والى متى سيصمد في البيت الأبيض في ظل تفاقم وازدياد الرفض الشعبي له؟.
بقلم: صفاء اسماعيل / صحيفة تشرين