أحياناً، قد نتساءل في خضمّ الحديث المتزايد عن المكمِّلات الغذائية والتي باتت تطالعنا من كلّ صوب فيتناولها من هو حقّاً بحاجة إليها كما ومن قد لا يحتاجها فقط لأنّها "على الموضة": كم منّا اليوم يميل الى التسليم بصحّة "الحملات الغذائية الإعلانيّة" وذلك بدون العودة الى الطبيب او المرجع المختصّ؟ كم منّا صدّق ويصدّق بأنَّ المكمّلات كفيلة بتولّي جميع المهام من زيادة التركيز الذهنيّ الى توسيع دائرة الانتباه وصولاً الى تحسين عمل الدماغ؟ ولكن، يبقى السؤال الأهمّ والذي نكرّر طرحه الآن: هل هي فعّالة بقدر ما يزعمون؟ وهنا، يقع اللغط. لهذا، وبغياب الأدلّة الدامغة، من الأفضل أن نعوِّل ضمن تغذيتنا اليوميّة على الأطعمة الطبيعيّة والكاملة "الإيجابيّة – الصديقة"، خصوصاً بالنسبة للدماغ وقدراته، فهي تساعد على التركيز وتنشّط الذاكرة كما والملكات الإبداعيّة، لدرجة تستحقّ وعن جدارة تسمية "أطعمة الدماغ"!
وعليه، قد اخترنا لكم لائحة من هذه الأطعمة والمشروبات الذكيّة والتي يمكنكم إدراجها وبكلّ سهولة في يوميّاتكم...
فطور كامل لشحن الطاقة
كم منّا اليوم يميل الى تفويت وجبة الفطور؟ بيد انَّ الدراسات تؤكّد بأنَّ تناول الفطور كلّ صباح كفيل بتحسين الذاكرة الوجيزة الأمد كما والانتباه والتيقّظ. بالفعل، تشير الإحصاءات والتي طالت مجموعات من التلاميذ والطلاّب، الى أنَّ الذين يتناولون الفطور صباحاً يؤدّون مهمّاتهم الدراسيّة، أفضل منهم الذين يفوّتون هذه الوجبة الصباحيّة. امّا اولى الأطعمة على لائحة تغذية الدماغ بالوقود اي بالطاقة اللازمة ليؤدّي بأفضل شكل، فهي: حبوب الفطور الكاملة الغنيّة بالألياف، الحليب ومشتقّاته والفاكهة. وإنّما، يوصي الخبراء بعدم الإسراف منها او عدم تناول المزيد بعد الشبع. ذلك لأنَّ الأبحاث الأخيرة تشير الى أنَّ وجبات الفطور الغنيّة للغاية بالوحدات الحراريّة تعيق او تبطىء قدرة التركيز.
السمك مفتاح الدماغ الصحيّ
من أهمّ مصادر البروتينات المنشّطة للدماغ، الأسماك غنيّة بأحماض الأوميغا-3 النافعة والتي تعتبر مفتاح صحّة وسلامة الدماغ. بالفعل، لهذه الأحماض الدهنيّة قدرة ذهنيّة مهولة: بحسب الدراسات، يُربَط اتّباع تغذية غنيّة بالأسماك بتراجع نسب الاختلال العقليّ كما واحتمالات حدوث سكتات، وايضاً بتباطؤ التدهور الذهنيّ الملازم لمرحلة الشيخوخة. إضافةً، هذه الأحماض الدهنيّة قد تلعب دوراً اساسيّاً في تحفيز الذاكرة وخاصّةً مع تقدّم المرء في السنّ.
للحفاظ على صحّة الدماغ والقلب، يوصى بتناول حصّتين من السمك في الأسبوع.
سكّر باعتدال
في الواقع، يهوى الدماغ السكّر فهو يُعتَبَر مصدر الطاقة الأفضل لديه. وإنّما انتباه! ليس سكّر المائدة بل الغلوكوز والذي يعمد الجسم الى تصنيعه انطلاقاً من السكّريات والكربوهيدرات التي يتناولها المرء. لهذا تحديداً، قد يزوّد كوب من مشروب حلوّ او سكّري بدفعة مؤقّتة لتنشيط الذاكرة، الفكر والقدرات الذهنيّة. وإنّما بالمقابل، إن أسرفنا في تناول السكّر او الأطعمة السكّرية، ساهمنا على العكس في إضعاف الذاكرة وليس الذاكرة فقط! إذاً، فلنتناول السكّر باعتدال لكي تستفيد ذاكرتنا وإنّما بدون تكديس السعرات الزائدة!
"بعض" القهوة أو الشاي لزيادة التيقّظ
في الواقع، تستطيع الكافيين زيادة او تحسين الانتباه والتنبُّه. بالطبع، ما من عصا سحريّة لتحفيز مستوى الذكاء او لجعل المرء أكثر ذكاءً، وإنّما لبعض المواد كالكافيين قدرة على بثّ الطاقة والمساعدة على التركيز. إذ نجدها في القهوة، الشوكولاته، الشاي، وبعض مشروبات الطاقة كما بعض الأدوية، قد تمنح الكافيين تلك "الصفعة الموقظة" وإنّما لا تدوم تأثيراتها طويلاً. ولا ننسَ القول المأثور: "كلّ ما زاد بالمعنى نقص". إن أسرفنا في الكافيين، شعرنا بتململ وانزعاج، ما يفسد عمل الدماغ عوضاً عن تحسينه.
جُرعة" يوميّة من الشوكولاته والبندق
في الواقع، معظم الثمار الزيتيّة من جوز، لوز، بندق،... كما والبذور، مصادر جيّدة من الفيتامين ه (E) المضادّ للتأكسد. هذا الفيتامين قد ربط الى تأخير تراجع الملكات الإدراكيّة مع التقدّم في السنّ. للشوكولاته السوداء ايضاً مزايا مضادّة للتأكسد جدّ فعّالة وهي تحتوي على منشّطات طبيعيّة كالكافيين والتي كما ذكرنا، تزيد من التركيز شرط استهلاكها باعتدال.
للحصول على سائر المنافع؟ ننصح بتناول حفنة من الجوز او اللوز او البندق وقطع صغيرة من الشوكولاته السوداء، وذلك بدون إضافة الوحدات الحراريّة، الدهون والسكّر.
... والأفوكاتو والحبوب الكاملة
لا بدّ تعلمون بأنَّ الدورة الدموية هي من يغذّي كلّ عضو من أعضاء الجسم وبشكل خاصّ القلب والدماغ. إنَّ اتّباع تغذية غنيّة بالحبوب الكاملة والفاكهة كالأفوكاتو قد يساهم في الحدّ من احتمال ظهور مرض قلبيّ وفي تخفيض معدّل الكولسترول السيء في الدم. هذا ما يحدّ ايضاً من تكدّس اللطخ الدهنيّة على جدران الشرايين وينشّط الدورة الدموية، مؤمّناً وسيلة بسيطة ولذيذة ايضاً لتحفيز الخلايا الدماغيّة. امّا الحبوب الكاملة كالذرة (فشار) والقمح الكامل فتساهم في تأمين الألياف الغذائية والفيتامين ه (E). من جهة أخرى، حتّى ولو كان الأفوكاتو ليحتوي الدهون، فهذه من النوع الأحادي غير المشبع والنافع والذي يساهم في الحفاظ على دورة دموية سليمة.
العنب البرّي ثروة من المغذّيات
بحسب الأبحاث المُجراة على عيّنات حيوانيّة، العنب البرّي او ايضاً أصناف التوت الأسود كفيلة بحماية الدماغ من الأضرار الناجمة عن الأجذار الحرّة وقد تحدّ بذلك من مضاعفات الشيخوخة المَرَضيّة كداء الآلزايمر او الاختلال العقليّ. تفيد الدراسات ايضاً بأنَّ التغذية الغنيّة بأصناف التوت او العنب البرّي، تحسِّن من قدرات الاكتساب الذهنيّ كما ومن وظيفة العضلات عند الجرذان المتقدّمة في السنّ، مساويةً بينها وبين الجرذان اليافعة.