يعتبر الصابون الحلبي رمزاً تراثياً وذو أهمية كبيرة عند الكثير من الناس، ويرتبط استخدامه بتقاليد عريقة فهو أقدم بكثير من العديد من منتجات التنظيف المستخدمة حالياً، ويعد زيت الزيتون وزيت الغار هما المكونان الأساسيان في صناعة الصابون الحلبي أو صابون الغار
يصنع الصابون الحلبي أو صابون الغار بغلي زيت الزيتون وزيت الغار ولا يتم إضافة أي أصبغة أو عطور اصطناعية أو مثبتات الرغوة أثناء تصنيعه، وذلك لأن مصنعي الصابون يعملون وفق الصيغة التقليدية العريقة كما أن تقنيات التصنيع القديمة لا تشجع على استخدام المواد الكيميائية الحديثة
يعتبر صناعة صابون الغار عملية سهلة وبسيطة، وهي حرفة تشغل عدداً كبيراً من الأيدي العاملة ويعتبر صابون الغار محل تقدير واسع لأنه لطيف على الجلد وصديق للبيئة. ولكن لم تمنعها الميزات السابقة من بعض التحفظات، فقد حظر الاتحاد الأوربي استخدام زيت الغار كمكون في مستحضرات التجميل بسبب إثارته لتفاعلات تحسسية في بعض الحالات.
يوجد حالياً أكثر من 60 معملاً لإنتاج صابون الغار في حلب، ولكن عدد المعامل التي لا تزال تتبع الطريقة التقليدية في صناعة الصابون لا تتجاوز 12 معملاً. فمع زيادة الاهتمام العالمي بالصابون الحلبي فمن غير الممكن أن تلبي المعامل التقليدية الصغيرة في حلب جميع طلبات الإنتاج الضخمة، وهذا ما دفع بالعديد من المنتجين لإقامة مصانع صابون كبيرة في مناطق نائية من حلب.
تختلف نسبة زيت الزيتون وزيت الغار في الصابون الحلبي من نوع لآخر، فصابون الغار يحتوي عادة بين 2-40% من زيت الغار، بينما يحتوي على نسبة 98-60% من زيت الزيتون. وبالإضافة لأهمية هذه الزيوت يعد البوتاس أحد أهم المكونات في الصيغة أيضاً. وتزداد قيمة الصابون وتكلفته كما زادت نسبة زيت الغار فيه، كما أنه سطحه الخارجي يكتسب لوناً أكثر قتامة مع مرور الوقت شريطة تعريضه لضوء الشمس
قد يحتوي صابون زيت الزيتون الخالص على كميات قليلة من زيت الغار أو لا يدخل في صيغته أبداً، فصادرات صابون زيت الزيتون الخالص لدول الاتحاد الأوروبي مثلا مفضلة على الصابون الحاوي على زيت الغار
عادة ما يصنع الصابون في حلب خلال فصل الشتاء من شهر تشرين الثاني حتى آذار، ويحتاج المنتج من 6-9 أشهر حتى يجف ويصبح ملائماً للاستخدام. ولا يميل حرفيو صناعة الصابون إلى الحديث بشكل كبير حول أسرار وصيغة الصابون الحلبي فهذه هي طريقة إدارة المشاريع العائلية الصغيرة للحفاظ على أسرار المهنة، مع أن أي كيميائي هاوي يستطيع القيام بتحليل لمكونات المنتج.
يتم خلط زيت الزيتون مع رماد الصودا في خزانات كبيرة وتغلى حتى درجة 200 مئوية مع التحريك المستمر، حتى يتفكك زيت الزيتون إلى غليسيرين وملح صودي. ويتعلق انتهاء هذه المرحلة على خبرة المصنع.
تتم إضافة زيت الغار إلى المزيج الساخن قبل الانتهاء من عملية الغلي بوقت قصير. بعد ذلك يتم ضخ المزيج من الخزانات على أرضية مستوية مكشوفة حيث تتم عملية التمهيد والصقل، وعندما تتصلب الألواح وتصبح قاسية يتم تقطيعها إلى قطع صغيرة ويختم اسم المصنع عليها.
تحافظ قطع الصابون على جودتها لعدة سنوات، ويقوم العديد من الناس بتخزينها في الدروج لإعطاء رائحة عطرة للملابس. يتمتع صابون الغار بمسامية عالية ويعطي رغوة كثيفة عند استعماله ويشعر المرء بملمس الزيوت أثناء الاستعمال إلا أنها لا تترك أي أثر دهني على اليدين. وكلما زادت صلابة قطعة الصابون كلما زاد من عمرها في الاستخدام يحتوي زيت الزيتون على عدد من الفيتامينات والمعادن خاصة الفيتامين.
ونسبة الزيت المرتفعة في الصابون أكسبته فوائد كثيرة للعناية للبشرة، فقد استعمل زيت الزيتون للعناية بالبشرة منذ آلاف السنين في منطقة البحر المتوسط، كما يرتبط الصابون الحلبي بثقافة الحمامات العامة ارتباطاً وثيقاً، يختلف الحمام التقليدي عن الساونا الأوروبية، فلا يتم تعريض الجسم لاختلافات كبيرة في درجة الحرارة. تكون درجة الحرارة في الحمام حوالي 50 مئوية. البخار في الحمام يساعد على تطرية الجلد والتخفيف من قشرة الرأس حيث يقوم العامل في الحمام بتنظيف الجلد باستعمال قفاز من شعر الماعز وكمية وفيرة من صابون الغار