تعود قصتها إلى عام 1895 حين قرر الشاب الدمشقي وبائع عصير الليمون المُثلج محمد حمدي بكداش أن يغامر ويستخدم نبتة السحلب مع الحليب ويثلجهما لتخرج “البوظة” العربية، فافتتح بكداش أول محل له في سوق الحميدية ومن هناك انتشرت البوظة العربية لكل أنحاء العالم.
النبتة التي استخدمها بكداش تنمو بشكل بري في الجبال المرتفعة بشمال سورية المتاخمة للحدود التركية تدعى «السحلبة» وهو نبات معروف يمكن إضافته للحليب لتتشكل منه مادة البوظة العربية أو «الإيما».
فكان يدقّ المكونات يدوياً لتمتزج جيداً بعضها ببعض أمام الزبائن، ويتم تزيينها بالفستق الحلبي الطازج، وعرفتها تركيا باسم “الإيما”، أو ما يُعرف اليوم بـ”الآيس كريم”.
ورث ولداه (موفق وهشام) العمل في المحل حيث ما زالا مستمرين في تحضير وبيع البوظة العربية وما زال المحل كما أسسه والدهما بديكوراته حتى أصبح معلماً من معالم سوق الحميدية ودمشق القديمة، وأصبحت بوظة بكداش ضمن نسيج دمشق الفلكلوري والتراثي.
وكانت تستخدم الطريقة اليدوية حتى دخلت الكهرباء إلى ايطاليا سنة 1910 فاستخدموها في تحضير البوظة بينما بقي اصحاب المحل يعملون بشكل يدوي حتى وصول الكهرباء إلى دمشق سنة 1930 فاستعان مؤسس البوظة بخبراء فرنسيين حيث تم تصنيع أول براد وحافظ للثلج في سورية في المحل، وما زالت موجودة حتى الآن كما تم توريد هذه الآلات إلى المدن السورية.
يفتخر أصحاب محل البوظة أن محلهم استقبلوا الكثير من الزعماء العرب والأجانب الذين كانوا يتناولون البوظة (الإيما) في محله عندما يزورون دمشق والجامع الأموي وسوق الحميدية، وهناك شخصيات سياسية وفنية كثيرة زارت محل بكداش وتناولت البوظة فيه ومنها السلطان عبد الحميد الذي حضر بعد حفل الافتتاح إلى المحل. وملك المغرب محمد السادس، وملك الأردن عبد الله الثاني، وملك ماليزيا، ورئيس وزراء ماليزيا، ورئيس مجلس الوزراء الأردني، ورئيس البرلمان في الأردن، والمرحوم رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان السابق حيث كان في كل زيارة لدمشق يحضر إلى محل بكداش لتناول البوظة وكان في كثير من الأحيان يرسل أشخاصاً ليأخذوا البوظة إلى قصره في بيروت ليقدمها في الحفلات والمناسبات لضيوفه وليتناولها معهم.
كذلك من الفنانين الذين تناولوا البوظة في محل بكداش هناك أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وبشارة واكيم ويوسف وهبي وآخرون.