كما أن الكلمات وحدها يمكن أن تؤذي أكثر من الأفعال، وتخلق مشاكل كبيرة في العلاقة بين الزوجين. فكيف يمكن للكلمات أن تزعج؟ وكيف يمكن التراجع عن الضرر الذي يحدثه أحد الزوجين للآخر بعد قول كلمات مؤذية للآخر؟
يقول المتخصص في الطب النفسي الدكتور أشرف الصالحي "يمر أي من الزوجين في الحياة بتقلبات في العلاقة، ومن الضروري التفكير في جوانب عديدة قبل البدء بالتعبير عنها. فقول ما تظن أنك تشعر به في لحظة معينة قد يسبب مشاكل في العلاقة. فهناك بعض الكلمات يمكن أن تكون مؤذية، رغم أن الشخص لا يدرك عند قولها مدى الضرر الذي سيلحق بشريك الحياة".
ويضيف "الكلمات المؤذية تترك ندوبا نفسية لا تنسى، فكثير من الأشخاص جرحوا بكلمة وجهت لهم أو وقعت على مسامعهم، ورغم مرور الوقت والتظاهر بنسيانها، فإنها تترك ندوبا عميقة في الروح والنفس، ويبقى الشخص يتألم منها وعلى المدى البعيد تتسبب بأمراض نفسية وجسدية".
الكلمات المؤذية تزرع الخوف
يقول الصالحي إن الكلمات المؤذية تزرع الخوف والفشل وتشعر الطرف الآخر بخيبة أمل كبيرة، كأن يقول أحد الشريكين للآخر "لا أعلم لماذا أنا في علاقة معك؟ أنا استحق أفضل منك"، "بشعة لست جميلة"، "لا تستحقين التقدير والاهتمام".
وتخلف الكلمة الجارحة شعورا سلبيا ومحبطا، كما أن قوة الكلمة المؤذية تترك آثارا لا تنسى في أعماق الشريك، ولا يستطيع التخلص منها، وتبقى كالجرس في الأذن، فتأتى بانعكاسات سلبية على سلوك الشريك فتظهر عليه حالة عصبية وعدم السيطرة على ردود الفعل، ويشعر بالظلم وفقدان القدرة على الرد أحيانا، ما يسبب نقصا داخليا ويتسبب في عدوانية وكآبة وسوداوية.
وتساعد بعض القيم على منع الوقوع بمواقف غير مريحة، منها التعاطف والاحترام، وإعطاء فرصة للوصول إلى حل وسط مع الشريك باعترافه بمشاعره وتعزيز الثقة لديه، ومحاولة دعم الشريكين بعضهما البعض بالمقاربة الصادقة والنقاش والحوار الإيجابين، والإيماءات اللطيفة والابتسامة وانتقاء الكلمة الطيبة، والتركيز على إنجاح العلاقة وفهم شريك الحياة، وفق الصالحي.
ويقترح لإصلاح العلاقة بعد قول كلمات مؤذية للشريك، الاعتراف بالمشاعر والاعتذار بصدق مع التعلم من الأخطاء.
الحوار المتصاعد بصورة سلبية
بدوره، يقول المستشار النفسي الأسري الدكتور أحمد سريوي إن من أسس العلاقة الناجحة بين الزوجين الاحترام، وهو أمر لا يتحقق إلا بتفعيل الحوار البنّاء، من خلال احترام كل منهما وجهة نظر الآخر وإعطاء الآخر فرصته في الحديث، وعدم الاستهزاء أو الانتقاص من كلامه.
ومن أنواع الحوارات السلبية بين الزوجين الحوار المتصاعد بصورة سلبية، حيث يبدأ من حالة الهدوء ليتصاعد إلى درجة العصبية والانفعال، لينتهي إلى مرحلة الشجار والخصام، حيث يلقي أحدهما أو كلاهما كلمات مؤذية تتسبب في جرحه وفي استثارة غضبه، وفق سريوي.
ويضيف "في كثير من الأحيان يكون هذا الحوار ناجما عن معتقدات سلبية مدفونة في نفس الشريك الآخر، وما تلبث أن تطفو على السطح كلما حصلت مشكلة بينهما، الأمر الذي يجعل من الحوار الزوجي مسألة صعبة ويتسبب في شرخ في العلاقة وحالة من النفور بين الطرفين".
ولحل هذه المشكلة، يقول سريوي "يحتاج كلا الزوجين إلى التدرب على أساليب الحوار البناء، والاعتذار عن الكلمات الجارحة التي صدرت. ذلك أن الاعتذار هو أقل ما يمكن فعله لإرساء دعائم الإصلاح، وقد يتبع الاعتذار هدية بسيطة، وأفعال تؤكد وتدعم التغيير، حتى يرى الطرف الآخر أن الأمور بدأت تتجه إلى نصابها الصحيح".
نصائح
نشر موقع "تايني تشينج ماتر" Tinychangesmatter نصائح لإصلاح العلاقة بين الزوجين بعد قول كلمات مؤذية، منها:
افحص كلماتك: يجب عليك فحص ما قلته، ومعرفة سبب قوله، ربما تكون قد نسيت بالفعل لأنك لم تكن تدرك حتى أن ذلك يؤذي الشريك، أو أن الجدل كان محتدما لدرجة أن العديد من الكلمات السيئة قيلت.
اعتذر بصدق: لا تعتذر إذا كنت ستستمر في فعل الشيء نفسه، فالاعتذار ضروري لكنه حقيقي وصادق وهو الخطوة الأولى لتصحيح الأمور.
لا تختلق الأعذار: جميعنا نرتكب الأخطاء، ولدينا الحق في شرحها وإصلاحها. لذا يجب أن تشرح للشريك سبب قولك للكلمات التي قلتها، لكن لا تختلق الأعذار.
تحمل المسؤولية عن أفعالك: ما يميز الأشخاص المسؤولين أنهم يقفون وراء أفعالهم ويتحملون المسؤولية عنها، لذلك لا تلعب لعبة اللوم مع الشريك، وقلل من شعورك بالذنب.
امنح الشريك الوقت والمساحة: في بعض الأحيان يكون من الصعب التغلب على بعض الأشياء المؤذية على الفور. لذا لا تتوقع منه أن يتصرف وكأن شيئا لم يحدث لأنك اعتذرت، بدلا من ذلك امنح شريكك الوقت لمعالجة كل شيء، ولا تتعجل.
المصدر : الجزيرة