لكل مكان تألفه العين رائحة تعلق في الذاكرة. ولحمص، واسطة العقد السوري، رائحة وطعم يشعرانك بالألفة. سنحاول أن نذهب معاً لنتذكر طعم الأكل في حمص ونشم رائحته.
حين تزور
حمص لا بد أن تزور أسواقها التي تعبق برائحة التوابل، ومواد العطارة. تعرّج على سوق العطارين، الذي يعود بناؤه للعهد العثماني، ويبدأ من طلعة سوق النحاسين، ويمتد إلى مسافة 80 متراً باتجاه الشرق، ويتقاطع مع أسواق القيسرية والعبي والخياطين.
هناك، ستكون لرائحة التوابل المعروضة جنباً إلى جنب في الدكاكين، وهي تتفاعل مع بعضها البعض، فعل السحر عليك.
مهنة العطارة من المهن التراثية الشعبية التي توارثها الأبناء عن الأجداد، وتشتهر محالّ العطارة ببيع الكثير من النباتات الطبيعية
كالبابونج والكمون والكزبرة وحبة البركة والزيزفون والورد الجوري والبنفسج، والعديد من أنواع الأعشاب، والتوابل والزيوت والعطورات. يلجئ الكثيرون إلى العطارين بحثاً عن العلاج: نبات
الشيح ذو الطعم المر والذي تحوي أزهاره زيتاً طيّاراً يستعمل كمشروب يزيل الحرارة ويعالج الروماتيزم، أو الخلة التي تُغلى ثِمارها ويُشرب ماؤها لدرّ البول، وتسكين آلام المغص الكلوي. تحتاج مهنة العطارة إلى خبرة واسعة وتجربة عميقة، وما زال في المدينة عدد من المحالّ الشهيرة والقديمة جداً، التي حافظت على هذا التقليد، كعطارة الأتاسي، وطليمات، والطرشة وعيون السود، وغيرها.
يتميز سوق العطارة أيضاً بواجهات من الحجر الأسود، نُحتت على بعض أجزائها أشكال هندسية. أرضيته مرصوفة بالحجر الأسود القديم. السوق مغطى بسقف مصنوع من حجارة الكلس والقنّب، على شكل قباب متداخلة، يتخللها فتحات تهوئة مقابل كل محل تسمح بمرور أشعة الشمس إلى داخله. وتزينه ثريات وفوانيس مزخرفة، على الطراز الشرقي القديم. ويعود بناء هذا السوق تحديداً إلى عهد أسعد باشا العظم، الذي حكم من 1743 إلى 1756.