تسبح سفينة السياسة البريطانية في بحر متلاطم الأمواج تتقاذفها التيارات البحرية و ربانها يعاني من ضياع الاتجاه الامر الذي يعرض سفينته للغرق او الخطر في ظل شعور عام بفقدان السيطرة والتحكم والتأثير.
الدور البريطاني يعاني على جميع الجبهات فعلى المستوى الداخلي تمر الحكومة البريطانية بحالة هلامية بالنظر الى حالة الاختلاف والتنافر بين اقطابها على علاقة بريطانيا بمحيطها الاوروبي بعد الانسحاب من الاتحاد الأوروبي وعدم تعويض فقدان عوائد ذلك بالعلاقة مع الولايات المتحدة.
وعلى المستوى الدولي تعاني السياسة البريطانية من حالة رفض شديدة من اغلب اقطاب الفاعلين الدوليين وفي مقدمتهم روسيا الاتحادية والولايات المتحدة حيث لم تزل زيارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاخيرة الى لندن عوامل التوتر والخلاف حول بعض القضايا الدولية السياسية والاقتصادية.
اما علاقة بريطانيا مع روسيا وبخلاف فرنسا والمانيا فهي تنحدر بالاتجاه السلبي بسبب التصرفات والاتهامات المزعومة للحكومة البريطانية في عدد من الملفات المرتبطة بين البلدين او ذات العلاقة بالسياسة الدولية وخاصة فيما يرتبط بالموقف البريطاني المساند للتنظيمات الارهابية في سورية.
ان النقاش الحاد الذي دار قبل يومين بين نائب المندوب الروسي في مجلس الامن والمندوب البريطاني يعكس رعونة السياسة البريطانية وعدم قدرتها على تحمل التطورات الجديدة على صعيد دحر الارهاب في سورية والتطورات الايجابية في العلاقات الروسية الاميركية.
والامر الذي زاد من التوتر البريطاني هو استكمال قمة ترامب بوتين باتصالات جديدة بين وزيري خارجية البلدين حول سورية و نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية وان دل ذلك فعلى الرغبة الاميركية الروسية باعادة التفاعل البناء في حل القضايا الدولية وهذا ما تعارضه لندن وتحاول عرقلته بافتعال احداث مفبركة في طريق التوجه الاميركي- الروسي الجديد.
ان اصرار الحكومة البريطانية على تحويل اتهاماتها الى ادلة فيما يتعلق باستخدام الاسلحة الكيمائية في سورية يعكس بالدرجة الاولى مخاوفها من انكشاف الدور المشبوه للاستخبارات البريطانية في ارتكاب مثل هذه الهجمات غير منظمة» الخوذ البيضاء» الارهابية التي ولدت من رحم التورط البريطاني في دعم الارهاب. وكذلك الامر تحاول الحكومة البريطانية من خلال اجترار هذه الاتهامات للحكومتين الروسية والسورية دق اسفين في مسار العلاقات الروسية الاميركية على حساب لندن حيث بدا ذلك واضحا من تصريحات الرئيس الاميركي الذي اعلن ان محادثاته مع بوتين في هلسنكي قد تكون أسهل من لقاء رئيسة الوزراء البريطانية الامر الذي يكشف حجم التباين بين الطرفين.
لا شك ان سياسة الحكومة البريطانية تعكس حالة الضعف وغياب الانسجام الذي تعاني منه و القلق من اضمحلال الدور البريطاني على المستوى الدولي وهذا الامر بدا واضحا من العزلة البريطانية داخل مجلس الامن ازاء اتهامات حكومة ماي لروسيا بشأن استخدام مادة «نوفيتشوك» في مدينة سالزبوري البريطانية. الدرس الروسي الذي تلقاه المندوب البريطاني في الجلسة الاخيرة لمجلس الامن واتهامه بدعم مصالح المجموعات المسلحة والعجز عن النوم خشية نجاح العمل الروسي الاميركي في سورية كان بليغا ومعبرا عن واقع معاناة السياسة البريطانية على المستويين الأوروبي والأميركي.
بقلم:
أحمد ضوا / صحيفة الثورة