لا شك في أن المسح الجغرافي للهجات العربية المختلفة في البلاد العربية له فوائد جليلة أهمها دراسة هذه اللهجات لذاتها دراسة علمية عميقة لاكتشاف ما فيها من خصائص الصوت والبنية والدلالة والتركيب ولمعرفة التغييرات المختلفة التي تطرأ عليها من وقت لآخر وإثراء الدراسات في العربية الفصحى نفسها..
إذ يتيح ذلك
المسح الجغرافي كتابة تاريخ هذه اللغة في عصورها المختلفة ويمد الباحث بوسائل علمية لمعرفة أقرب اللهجات العربية صلة باللغة الفصحى وأبعدها عنها كما يمده بالمعلومات اللازمة لمعرفة مدى امتداد اللهجات العربية القديمة في الوطن العربي ويفسر النصوص المجتزأة عن هذه اللهجات في التراث، كما يتيح هذا العمل فرص الدراسة المقارنة لا بين اللهجات واللغة الفصحى فحسب بل وبين اللغات السامية المختلفة كذلك ويبين مصادر الكلمات الأجنبية هنا وهناك..
وقد بيّن شتيجر العالم اللغوي السويسري الذي كان له بهذا الموضوع عناية خاصة قيمة
الأطلس اللغوي وأهميته للغة العربية عبر تقرير له يؤكد فيه أن القيام بعمل أطلس للغة العربية سيحدث تطوراً في كل الدراسات الخاصة بفقه اللغات السامية لأنه يكمل من غير شك الدراسات التي تعتمد على النصوص القديمة بكشفه عن التطورات المتعلقة باللهجات وباللغات الشعبية العصرية كما يكشف للباحثين عن تاريخ الأصوات والتغيرات التي أصابت اللغة العربية في الأماكن المختلفة وعن مدى انتشارها وتأثرها بالمراكز الثقافية وتنوع مفرداتها إلى غير ذلك من المكتشفات التي لا يمكن أن تتم إلا إذا جمعت هذه المواد، كما أنه يمكن الباحثين في العلوم التاريخية والنفسية والاجتماعية من إنجاز بحوثهم ودراساتهم على أساس متين وشامل.