إلا أن للطعام في حمص حكاية أخرى في مدينة حمص، نال من شهرتها المضافة إلى خفة ظل وظرافة أهلها، وساعتها التي تتوسط المدينة، إلى جانب حلوياتها الفاخرة المرتبطة بـ "حلاوة الجبن"، التي لا تزال محط جدل مع جارتها مدينة حماة.
فيما لنهر العاصي، الذي شغل مساراً طويلاً منها، من منبعه في الجنوب الغربي حتى خروجه منها، مكملاً مسيرته ضمن مدينة حماة، ما أكسب من المنتزهات والمطاعم المتربعة على ضفافه، شهرة، اقترنت بموقعها على النهر الفريد من نوعه في مخالفته التيار.
كل ذلك جعل من مطعم "ديك الجن" الأكثر شهرة بين مطاعم حمص، بالرغم من إغلاق أبوابه بداية أحداث الحرب على سورية، التي حولت بهاء المدينة وظرافتها إلى ذكريات أليمة يصعب نسيانها.
اكتسب مطعم "ديك الجن"، الذي بُنِيَ على يد رجل حمصي الأصل يدعى حسن الحسيني عام 1959، الذي أطلق الاسم على مطعمه نسبة للشاعر ديك الجن الحمصي، لبقائه ليال طويلة على هذه الضفاف يبكي حبيبته "ورد"، بعد أن قتلها من فرط غيرته عليها وفق الروايات.
ليأتي المطعم متربعاً بذات المكان، ما منحه أهميةً لكونه المُتنفس الوحيد للهاربين من ضوضاء المدينة ودخانها، عدا عن مكانه المميز على ضفة النهر، بالتوازي مع وجود متنزهاً وكازينو قبالة منتزه تاريخي آخر عرف باسم "عبّارة"، الذي بدأ بالازدهار تدريجياً، لما تمتع به كادر العمل من لطافة وحسن استقبال، التي تشبه مالكه "الحسيني"، بحسب رواية السبعيني أبو سامر، ممن عاصروا ذروة ازدهار المطعم ومعه المدينة.
يمتد المطعم على مساحة تقارب 4000 متر مربع، كما يتسع لـ2000 شخص، فكان الوجهة المثلى لإقامة الأفراح الكبيرة والسهر والاحتفال برأس السنة، وفق رواية أبو سامر أيضاً، ليبدو المحظوظ من يجد طاولة فارغة وسط الاكتظاظ بالعائلات .
كما اشتهر المنتزه بإحياء حفلات لأشهر الفنانين في تلك الحقبة مثل: صباح ووديع الصافي، وفرقة "بوني أم"، كما كان مهرب الكبار والصغار لقضاء وقت ممتع وتناول الأكلات الحمصية الشهيرة.
وفي ربيع عام 2011، أغلق "ديك الجن" أبوابه، ليسُدل بذلك الستار على أحد أهم معالم حمص القديمة، مع الاحتفاظ بذكريات أشهر المنتزهات على ضفاف العاصي.
المصدر: تلفزيون الخبر